13تشرين الأول … دعوة إلى التطيير؟؟… شفيق ملك  

مرّ أسبوعان على الجلسة الأولى لانتخاب رئيس للجمهورية، بدعوة من رئيس المجلس النيابي، الذي سيعقد جلسته المقبلة بتاريخ 13 تشرين الأول الجاري لإنجاز مهمة شبه مستحيلة.

مهمة تحمل بين ثناياها واجب وطني رفيع الشأن، وهو تلبية آمال الشعب وإنقاذه من سفينة تتهاوى في بحر هائج، ترتطم أمواجه بجسم هذا الشعب العريق، المتماسك بقوة إيمانه وتاريخه في الصمود. 

سفينة تبحر في اليم فاقدة البوصلة، وليس على متنها ربان مقتدر بل امامها قدر مجهول أو غرق محتوم.

رئيس المجلس النيابي كباقي نوابه جميعهم ينادون علانية بتكثيف عقد الجلسات الانتخابية لتسمية الرئيس دون تأخير.

و كما فعل رئيس المجلس حين دعا الى جلسة مناقشة الموازنة في ذكرى استشهاد الرئيس الجميل، اعاد الكرّة في الدعوة لجلسة ثانية لانتخاب الرئيس في  13 تشرين أول الجاري،  الذي يصادف  ذكرى تاريخ بغيض لرئيس العهد الحالي، مما أغضب فريق التيار العوني بأكمله، وهو يتجه لعدم المشاركة في الجلسة المقبلة المقررة بهذا التاريخ.

هل ما حدث هو مجرد صدفة؟ ام ان هناك نغم وضرب على الوتر لمعلم هو سيد مجلسه يتقن أمور بلده السياسية جيدا، وكيفية توظيف التواريخ في مكانها المناسب.

فلنبعد الشك قليلا ونأخذ بمقولة “ان بعض الظن اثم”.

لماذا حُددت إذا الجلسة الانتخابية الثانية بعد أسبوعين وشهر أكتوبر كله أربعة أسابيع؟ الم تكن الدعوة الى جلسة انتخابية كل ثلاثة ايام  أفضل؟ ام علينا ان نواجه الفراغ كما يسميه فريق سياسي، أو الشغور كما ينص عليه الدستور في المادة 62 منه.

لتكن الجلسات مفتوحة حتى انتخاب الرئيس العتيد، لان لبنان باسره يعيش على فوهة بركان… بركان ان تفجر و ترك لحممه العنان لن يسلم من شظاياها أحد.

الم يدرك الساسة في لبنان ان ما يدور حولهم في الاقليم هو أسوا بكثير مما في الداخل اللبناني؟

بلدان عربية أوضاعها الداخلية غير مستقرة منذ سنوات. سوريا، العراق، اليمن، ليبيا، السودان، الصومال… وغيرها انما بدرجات اقل خطورة.

بالأمس عملية إنزال امريكية في القامشلي في العمق السوري استهدفت قياديين لحركات متطرفة، اعتبرها الامريكان صيد ثمين.

في السياسة، تقارب ملفت لحماس مع النظام السوري، وفي لبنان مع المنظمات الفلسطينية تحت غطاء ايراني، ليوحد بينهم وبين جبهة تترأسها حماس في قطاع غزة.

في اليمن وبعد انتهاء الفترة الزمنية للهدنة وهي “ستة أشهر”، امتنع الحوثي، ذراع إيران الرئيسي هناك، عن موافقته لتمديد الهدنة، متسلحا بشروط غير قابلة للتطبيق مما أعجز المندوب الاممي في ظل المحادثات الجارية.

ما يحدث في الاقليم هو صورة حقيقية تعكس ما يجري في مدن إيران من شغب، بلغت حصيلته مائة قتيل وهو مستمر ومشتعل حتى الان.

في المحيط العالمي، عند اقصى البحار، صواريخ بالستية عابرة للقارات كورية الهوى، تنطلق حاملة الكثير من الرسائل. سفن أميركية وكندية تتخطى الحدود البحرية الاقليمية في مياه تايوان، تغضب في عبورها القطب الصيني.

على أطراف اوروبا التفجيرات الاربعة لخطوط الغاز في اعماق البحار، ليست صدفة، وليست بعمل ارهابي، انما هو عمل وراءه دولة او دول ذات امكانات دون حدود.

يؤكد هذا كله عودة الخلافات بين قادة دول الاتحاد الاوروبي بشأن تحديد سقف الاسعار للغاز والبترول. يقابله اجراءات منظمة اوبيك بلس، مما اغضب الامريكان.

بالمحصلة اصبحت الطاقة اليوم “القضية الجيو-استراتيجية الرئيسية المتعلقة بالحرب وبتوازن القوى في العالم”. 

ما زالت الحرب مستعرة بين روسيا واوكرانيا، والتهديدات وصلت الى اعلى مستوى اشبه بالميني نووي. جميعها اسباب عالية الدرجات لبدء اشعال فتيل الحرب الكونية الثالثة، إذا ما قورنت بالأسباب الأقل خطورة التي أدت الى اندلاع الحروب العالمية الاولى والثانية.

يساند هذا الوضع الجاري، بيان مشترك لفرنسا وبريطانيا لتقديم كل الدعم اللازم لأوكرانيا من اجل استعادة سيادتها على اراضيها.

وآخر هذه الأحداث المقلقة، الانفجار الهائل على “جسر كيرتش” الذي يربط شبه جزيرة القرم بالأراضي الروسية، والذي يشير الى ان حادثة القرم ما هي الا بداية.

لبنان برمته يواجه مشاكل اساسية لا يعرف متى يخرج منها، هي مصيرية في جميع مكوناتها، مآزق اسبابها داخلية وخارجية. ما وراء الحدود هو شان داخلي محض يخص العدوالاسرائيلي، ومرتبط بانتخاباته وليست له علاقة بالشأن اللبناني المحلي، بالرغم من صدور تجاوزات لتصاريح لبنانية من هنا وهناك ليست الا للتجييش الداخلي والشعبوي.

دبلوماسيون غربيون يؤكدون ان الوسيط الامريكي في ملف ترسيم الحدود البحرية، عاموس هوكشتاين، يرى ان الملاحظات اللبنانية على الاتفاق ليست جوهرية ولا تمنع التوصل الى اتفاق. كذلك الخارجية الامريكية ملتزمة بالتوصل لحل في المفاوضات بين لبنان وإسرائيل وهناك امكانية لتسوية دائمة.

تشكيل الوزارة “كاملة الاوصاف” مسرحية لا تنتهي فصولها لحين نهاية هذا الشهر 31 تشرين أول بانطفاء فتيلها.

اما الحدث الاخير، وهو محور المشاكل كلها، انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

كم جلسة انتخابية نحتاج لانتخاب رئيس؟ حسابها في علم الافتراضات والتحليلات السياسية، ومن يدري؟

الامر يتوقف على نواب المجلس، كتل التغيير، كتل نواب السنة وكذلك المستقلين. عليهم جميعا اعادة التفكير وتصويب البوصلة بعدما شاهدناه بالصوت والصورة مساء يوم الخميس في برنامج “صار الوقت”.

اعادة تقييم ما يحمله لنا النائب ميشال معوض من جوانب تجيب عن اسئلة كثيرة لعامة الشعب والساسة حول محتوى برنامجه السياسي. ما شاهدناه يعزز موقعه كمرشح جدي للرئاسة. 

قليل من التنازلات من هنا وهناك لنرى فرصة امل في انتخاب رئيس للدولة؟؟

لعل النائب ميشال معوض… لديه فرصة، ومن يدري؟

كلمة أخيرة لسعادة النواب جميعا، اقولها بمحبة وصدق، لا تطيير الجلسات النيابية المتكرر، ولا اسلوب وضع الورقة البيضاء، يساعدا في انجاح هذا الاستحقاق الرئاسي. نحتاج الى خطوة ايجابية الى الامام وتدبُّر خلاَّق بين مكونات هذا المجلس ليكون الرئيس المقبل “صنع في لبنان”.

عاش لبنان، حرا، سيدا ومستقلا.

الكاتب: المهندس شفيق ملك

المصدر: سفير الشمال


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal