تتقدم الايجابيات على صعيد تأليف الحكومة، حيث من المنتظر أن يعود الرئيس نجيب ميقاتي الى لبنان مطلع الاسبوع المقبل للبدء بالخطوات التنفيذية مع رئيس الجمهورية ميشال عون الذي تعهد أمس أمام وفد سفراء الاتحاد الأوروبي بالعمل على “تشكيل حكومة كاملة الأوصاف تستطيع أن تقوم بالمهام المطلوبة منها في حال حصول الشغور الرئاسي”!..
وقد رأى مراقبون في هذا التعهد، أن عملية التأليف بدأت تسلك مسارها الصحيح والجدي، خصوصا أن أكثرية الأطراف السياسية باتت تخشى من إمكانية حصول فوضى دستورية إثر إنتهاء ولاية العهد، قد تؤدي الى فوضى وفلتان في الشارع من شأنهما أن ينتجان توترات لا أحد يعلم الى أين ستقود البلاد.
في غضون ذلك، يعمل الرئيس ميقاتي على مسارين متوازيين، الأول داخلي لجهة التواصل على مدار الساعة مع كل المعنيين من أجل تبديد كل الهواجس الرئاسية بما يؤمن ولادة سهلة لحكومة من 24 وزيرا، ربما تكون هي نفسها المستقيلة مع تعديلات وزارية طفيفة قد لا تطال سوى عدد قليل من الوزراء، والثاني خارجي، حيث كعادته يغتنم ميقاتي وجوده في المحافل الدولية لطرح القضية اللبنانية على طاولة صناع القرار في العالم لحشد ما أمكن من الدعم للبنان، وهو عقد لقاءات على هامش مشاركته في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث يترأس وفد لبنان، مع ملك الأردن عبدالله الثاني الذي جدد دعمه المطلق للبنان، ومع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي شدد على ضرورة الاستقرار، كما إستقبل في مقر إقامته أمين عام جامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، والمدير العام لصندوق النقد الدولي السيدة كريستينا جورجيفا، والوسيط الأميركي في ملف ترسيم الحدود البحرية اللبنانية الجنوبية آموس هوكشتاين، وهو من المفترض أن يستأنف لقاءاته مع عدد من رؤساء ومسؤولي الدول خلال إنعقاد الجمعية العامة.
وتكتسب هذه اللقاءات في هذا التوقيت بالذات أهمية كبرى في ظل الحديث عن قرب ولادة الحكومة من جهة، وعن إنجاز ملف الترسيم البحري بين لبنان والعدو الاسرائيلي من جهة ثانية، ما من شأنه أن يكون مدخلا لاعادة الثقة الدولية بلبنان، وهذا ما يسعى ميقاتي الى الاستفادة منه لتأمين الدعم والاحتضان الدوليين بما في ذلك المساعدات من الدول المانحة وتسهيل شروط صندوق النقد الدولي الذي أكدت مديرته العامة حرصها على “إنجاز الاتفاق النهائي بين لبنان والصندوق في أسرع وقت”، كما شددت على أن “الاهتمام الدولي بلبنان ما يزال موجودا”، الأمر الذي يجعل اللقاءات التي يعقدها الرئيس ميقاتي في نيويورك تأتي في الوقت المناسب.
وعلى قاعدة “ما تقول فول إلا إذا صار بالمكيول”، تخشى بعض المصادر من الافراط في التفاؤل بولادة الحكومة، لكن المعطيات المتوفرة وجدية الأطراف السياسية المعنية وخصوصا حزب الله في الدفع نحو الولادة الحكومية قبل نهاية الشهر الحالي، تؤكد أن إتفاقا ما قد حصل، وقد عبر عنه الرئيس عون بفخر أمام السفراء الأوروبيين.
كما تشير هذه المصادر الى أن النصحية التي أسداها البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى الرئيس عون بأن “يخرج من قصر بعبدا كبيرا كما دخله كبيرا” لا يمكن أن تترجم إلا بتشكيل الحكومة، خصوصا أن عدم تشكيلها لأي سبب قد يطرأ، ورفض الرئيس عون تسليم الصلاحيات أو مغادرة القصر الجمهوري سيجعله خصما للشرعية اللبنانية التي ستعتبره خارجا عنها ومغتصبا للسلطة!..
Related Posts