ثلاثة انواع من الهجرة غير النظامية.. والجيش يعمل على خطين متوازيين… غسان ريفي

فتحت مراكب الهجرة غير النظامية الباب أمام سلسلة تساؤلات ابرزها ان المراكب التي تنقل مهاجرين هاربين من الاوضاع الاجتماعية والاقتصادية المأسوية من دون ان يتمكن اي جهاز امني من رصدها وتوقيفها كما حصل في الايام الماضية وخصوصا مركب الموت الجديد الذي تحطم في بحر طرطوس قبالة جزيرة ارواد وغرق من فيه، الا يمكن ان تكون الامور عكسية بمعنى ان تأتي مراكب من الخارج وتصل الى الساحل اللبناني من دون ان يرصدها أحد؟ وماذا لو كانت هذه المراكب محملة بممنوعات أو بسلاح او مخدرات او غير ذلك وفق اجندات ومخططات معينة؟. لم يعد لبنان عموما وشماله خصوصا من طرابلس الى المنية فعكار يحتمل مزيدا من المآسي، وكأن الناس لا يكفيها الازمات التي تتوالد وتكاد تفقدهم انسانيتهم، حتى يأتي الموت المجاني ليضاعف من القهر الذي يعيشونه، ما دفع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى الطلب من قائد الجيش العماد جوزف عون التشدد في ضبط الحدود للحد من الكوارث الانسانية التي تدمي القلوب وتضعف هيبة الدولة لا بل تؤكد تحللها. 

لا شك في ان مديرية المخابرات في الجيش اللبناني تعمل على خطين متوازيين الاول الامن الاستباقي الذي ادى خلال شهر أيلول الى إحباط خمسة محاولات لانطلاق مهاجرين لمراكب غير نظامية جرى توقيفها، والثاني البحث والتحري وتعقب المتورطين باطلاق هذه المراكب حيث اشارت معلومات الى ان الجيش أوقف تسعة اشخاص يشتبه بتورطهم من بينهم احد الرؤوس الكبيرة وشخص آخر على علاقة بمركب الموت الذي غرق في بحر طرطوس.

وتضيف المعلومات ان ثمة خيوط متوفرة تعمل عليها مخابرات الجيش بسرية من شأنها أن توصل الى كشف بعض المافيات التي تمتهن الاتجار بالبشر مستغلة الوضع المعيشي المزري وهي نشطت خلال شهر أيلول بشكل كبير للاستفادة من الطقس الصيفي قبل تبدله، لكن الطقس غدر بالمهاجرين الذين سقطوا ضحية الرياح الناشطة والامواج العاتية.

هناك ثلاثة أنواع من الهجرة غير النظامية تنشط في لبنان، الاول هجرة محلية تقوم على توافق عدد من الاشخاص على شراء مركب وتجهيزه وعرض الامر على مقربين مقابل مبالغ مالية لتغطية تكاليف المركب او ربما لتحقيق بعض الارباح.

والثاني، هجرة تقودها مافيات منظمة مرتبطة بمافيات في الخارج تتواصل معها لنقل المهاجرين بعد تجاوزهم المياه الاقليمية الى مراكب اكبر قادرة على ايصالهم الى وجهتهم، وغالبا ما تترك هذه المافيات المهاجرين في عرض البحر من دون طعام او حليب اطفال، وهذا ما حصل مع مجموعة من المهاجرين قبل نحو عام حيث اضطر بعضهم الى رمي اطفالهم في البحر.

والنوع الثالث، هو هجرة عشوائية تقودها مافيات محلية تبغي الحصول على اموال طائلة، من خلال اغراء الفقراء بسيناريوهات وردية ومن ثم إغراقهم عمدا في البحر وهي الهجرة التي اصبحت رائجة مؤخرا. 

اللافت، أنه بالرغم من الموت المجاني الذي يلحق بالمهاجرين، ما تزال المراكب تنطلق تباعا، علما ان من وصل الى السواحل الاوروبية سواء تم احتجازهم في مخيمات للاجئين التي تفتقر الى ابسط مقومات الحياة، أو تم تسليمهم الى تركيا تمهيدا لترحيلهم واعادتهم الى بلدهم، يعانون الامرين ويواجهون شتى صنوف العذاب ولعل الفيديوهات التي سجلها بعض المهاجرين اكبر دليل على ذلك. 

ميدانيا، افادت معلومات ان عدد الجثث التي تم انتشالها في بحر طرطوس تجاوز 87 شخصا، مقابل 20 ناجيا، وبلغ عدد اللبنانيين المتوفين ممن تم التعرف عليهم حتى يوم امس 9 أشخاص، اضافة الى 12 من الناجين، فيما توزعت اكثرية الجثث الاخرى بين سوريين وفلسطينيين.

وقد زار امين عام الهيئة العليا للاغاثة اللواء محمد خير مشفى الباسل في طرطوس بتكليف من الرئيس نجيب ميقاتي، واطمأن على وضع الناجين الذين يخضعون للعلاج، واشرف على نقل تسعة جثث الى لبنان 7 لبنانيين من عكار وطرابلس وفلسطينيان من مخيم البارد، وكان نُقل صباح امس جثتان الى بلدة القرقف العكارية، كما تم تشييع ضحيتين هما مصطفى مستو وابنته دنيا وسط غضب وحرن شديدين في وقت ينتظر فيه عدد قليل من العائلات اللبنانية في طرطوس للتعرف على جثث ابنائها من خلال فحص الحمض النووي، خصوصا ان اكثرية الجثث مشوهة.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal