التأليف على نار حامية مجددا.. هل تبصر الحكومة النور؟!… غسان ريفي

من استمع الى رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في مجلس النواب، يدرك انه يتحدث بحرقة رجل الدولة على واقع مأساوي يعيشه لبنان ويمكن الخروج منه في حال قررت القوى السياسية التعاون مع بعضها البعض والابتعاد عن سياسات التعطيل التي تحولت الى مجموعة من الاثقال تدفع بالبلد الى مزيد من الانهيار. 

لا يُحب الرئيس ميقاتي لعبة المحاور، وهو لم يسبق له ان تعامل بكيدية سياسية مع أي طرف، بل إن الخصم والحليف يعترفان له بأنه دائم التفتيش عن توافقات وعن قواسم مشتركة تفضي الى حلول شرط عدم المس بالتوازنات وبصلاحيات المؤسسات الدستورية وبالثوابت التي يتمسك بها.

لذلك لم تكن مجرد “مزحة” مع الاعلاميين في القصر الجمهوري عندما أبلغهم ميقاتي انه في الزيارة المقبلة “لح ضل نايم في بعبدا حتى تتشكل الحكومة”، حيث يصرّ ميقاتي على تنفيذ المهمة التي تم تكليفه من أجلها، كونه يدرك المخاطر التي تحيط بالبلاد والعباد والتي تحتاج الى حكومة فاعلة قادرة على المواجهة ومعالجة الازمات واستكمال الاتصالات الدولية التي سيقوم بتفعيلها في الايام المقبلة خلال مشاركته في اعمال الجمعية العامة للامم المتحدة حيث من المفترض ان يلتقي مع صناع القرار في العالم بهدف تأمين الدعم للبنان واعادة الثقة به خصوصا اذا ما تم تشكيل الحكومة بعد عودته مطلع الاسبوع المقبل.

يمكن القول، إن الجميع بات على قناعة بأن الشغور الرئاسي اصبح واقعا، وبأن تشكيل الحكومة اصبح ضروريا لتفادي أي مغامرة سياسية قد يقدم عليها فريق العهد وأي فتنة قد تقع جراء ذلك، والحفاظ على ما تبقى من استقرار.

من هنا جاءت صرخة الرئيس ميقاتي بمد يده لكل الاطراف من اجل الانقاذ، كما جاءت دعوة أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله الى تأليف الحكومة والكف عن التعطيل لتؤكد ان البلاد لا تحتمل أي شغور في السلطة وان وجود حكومة يقطع الطريق على كثير من التوترات التي قد تحصل، ولا تختلف مواقف القوى السياسية الاخرى عن هذا التوجه، اللهم الا تلك التي تعتمد السلبية المطلقة او ما تزال تستجدي شعبوية مقيتة ملّ اللبنانيون سماع نغمتها، فضلا عن الضغط الدولي الذي يتنامى مع قرب انتهاء ولاية رئيس الجمهورية.

وبحسب المعلومات المتوفرة فان الحكومة وضعت مجددا على نار حامية بفعل المساعي الايجابية التي تبذل لا سيما من جانب الرئيس ميقاتي الذي عمل على تبديد كل هواجس رئيس الجمهورية وتلبية مطالبه ضمن حكومة ال24 وزيرا.

وتشير المعلومات الى ان الاتجاه يسير نحو تفعيل الحكومة الحالية مع تعديل طفيف جدا يتمثل باستبدال وزير المهجرين الذي لم يعد للفريق الذي يمثله حضورا في المجلس النيابي، بوزير درزي آخر يتناغم مع كتلة اللقاء الديمقراطي، وبذلك تكون قد سُحبت كل الذرائع من امام من يريد الدخول على خط التعطيل مجددا والامعان في حرمان البلد من حكومة تحدث صدمة ايجابية على اكثر من صعيد.

منذ اليوم، تتجه الانظار الى عودة الرئيس ميقاتي الى لبنان وبجعبته كماً اضافيا من الدعم الدولي، بشرط “ساعدوا أنفسكم لكي نساعدكم”.. ما يعني ان تأليف الحكومة سيكون أمام فرصة أخيرة ونهائية، فإما ان يتجاوب رئيس الجمهورية وينهي عهده بحكومة كاملة الاوصاف ويخرج من القصر الجمهوري عند انتهاء ولايته في 31 تشربن الاول المقبل “كبيرا كما دخله كبيرا” وفقا لنصيحة البطريرك بشارة الراعي، او ستظهر نوايا التعطيل على حقيقتها وتُزال الاقنعة عن كثير من الوجوه، وعندها سيكون الحكم لشعب لبنان العظيم!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal