تضغط الازمات الاقتصادية والاجتماعية والحياتية على اللبنانيين الذين بدأوا يشعرون ان ابسط مقومات حياتهم لم تعد متوفرة وان المعاناة تتضاعف بما ينذر بانفجار كبير بتداعيات كارثية.
لا شك في انه عند انسداد الافق السياسي بشكل كامل يتم اللجوء تلقائيا الى الشارع عبر الفوضى أو التوترات والاشكالات الامنية التي بدأت بعضها تترجم في كثير من المناطق اللبنانية حيث بات السلاح لغة التخاطب الوحيدة بين المواطنين، ما يدفع الى التفتيش عن حلول سياسية سريعة تعيد الانتظام العام وتجنب البلاد خضات لم يعد احد قادرا على مواجهتها.
بالتزامن، يبدو ان ثمة سيناريوهات دراماتيكية بدأت تتحضر وتتولى الغرف السوداء وأدواتها الترويج لها، ما ينشر الرعب على مساحة الوطن، خصوصا أن ما يجري بثه من شائعات عن انفجار هنا وحرب هناك واغتيال هنالك، فضلا عن امكانية حصول ثورة دموية او حرب اهلية أو عدوان اسرائيلي يجري التحضير له في كيان العدو، او تشغيل بعض الخلايا الارهابية النائمة، كل ذلك يجعل مخاوف اللبنانيين تتوزع بين كيفية تامين لقمة العيش ومواجهة اعباء الحياة، وبين كيفية الحفاظ على الامن والاستقرار اللذين يؤمنان امكانية العمل والانتاج وان بالنذر اليسير.
تبدو الكرة في ملعب السلطة وتياراتها السياسية وعلى رأسها رئيس الجمهورية ميشال عون الذي تقع على عاتقه مسؤولية تاريخية في ان لا يسلم البلاد في انهيار أمني بعد الانهيار الاقتصادي، خصوصا ان كل الذرائع التي يقدمها او تلك التي يروج لها تياره السياسي تبقى “لزوم ما لا يلزم” بالنسبة للبنانيين الذين يشغلهم رغيف الخبز والدواء وشربة الماء ولم يعد أحد مهتما بكل تلك الشعارات السياسية او الدستورية او الطائفية التي لا تسمن ولا تغني من جوع.
لذلك، فإن تشكيل الحكومة تجاوز الضرورة القصوى الى حماية البلد من الفلتان واحداث صدمة ايجابية يحتاجها الاقتصاد والاسواق المالية والناس، خصوصا ان الغرف السوداء تنشط وادواتها تستعد لمرحلة الشغور والفوضى الدستورية المتوقعة في حال دبت الخلافات حول تسليم الصلاحيات لحكومة تصريف الاعمال، ما يجعل الابواب مفتوحة على كل الاحتمالات التي سيكون احلاها مرّ.
هذا الواقع، يضع لبنان على مفترق طرق، فإما ان يتجاوب رئيس الجمهورية مع مساعي تشكيل الحكومة فتبصر النور ويسلك البلد طريق الاستقرار النسبي حتى لو حصل الشغور الرئاسي، وإما ان تفشل مساعي اللحظة الاخيرة في عملية التأليف وعندها سيكون البلد رهينة الغرف السوداء وادواتها والمتربصين به شرا، وربما يترحم اللبنانيون على الايام التي بعبشونها اليوم!..
Related Posts