إيجابية ميقاتي تُحرج عون!… غسان ريفي

كان يمكن لرئيس الجمهورية ميشال عون ان يستفيد من زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى قصر بعبدا أمس، وان يتوافق معه على تشكيلة حكومية نهائية وان يصدر مراسيمها محدثا صدمة ايجابية يحتاجها البلد والاسواق المالية، وذلك قبل سفر ميقاتي الى لندن للمشاركة في جنازة الملكة اليزابيت ومن ثم الى الولايات المتحدة الاميركية للمشاركة في اعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة تثبيتا لحضور لبنان الدولي ولتأمين المزيد من التواصل مع صناع القرار في العالم.

لكن يبدو أن عون ما يزال مصرا على إرباك الساحة اللبنانية بخيارات احلاها مرّ ولا تصب في مصلحة أحد، ومن شأنها ان تفتح الابواب أمام تطورات دراماتيكية خصوصا انه يضع الوطن برمته امام خيارين، فإما ان تكون حكومة على قياس جبران باسيل لكي يكون له الكلمة الفصل فيها في حال حصل الشغور الرئاسي، وإما المجهول الذي يتناوب عون وباسيل على التهديد به بفعل الخطوات غير الدستورية التي قد يلجآن اليها، 

بالامس، أحرج الرئيس ميقاتي الرئيس عون بإيجابيته وأسكت كل الذين يتهمونه بأنه يماطل ولا يريد تشكيل حكومة، خصوصا بعد تأكيده امام الصحافيين بأنه “في الزيارة المقبلة قد ينام في بعبدا حتى تشكيل الحكومة”، ما يعطي صورة واضحة عن ان التعطيل مصدره دوائر بعبدا ولا علاقة للسراي الحكومي به، بل على العكس فإن الرئيس ميقاتي الذي زار بعبدا ست مرات منذ تكليفه متجاوزا العديد من الشكليات والاساءات، حرص على تلبية كل مطالب عون، وهذا يعني ان رئيس الجمهورية كان قد وافق على التشكيلة التي قدمها الرئيس المكلف بشرط اجراء التعديلات التي يريدها، لولا التدخلات الجانبية التي كانت تعيد الامور في كل مرة الى نقطة الصفر..

من الواضح، أن ميقاتي قرر عدم الاكتراث لبعض أصوات النشاز التي تصدر من هنا ومن هناك، فهو يحرص على التزام بنود الدستور، ويقوم بواجباته الحكومية وفقا للامكانات المتاحة، ويتابع عملية التأليف بجدية، ويحرص على إحترام المؤسسات الدستورية لا سيما رئاسة الجمهورية التي يتعاطى معها برقيّ سياسي قل نظيره، فبالرغم من الافتراءات والاتهامات التي صدرت بحقه سواء من الرئيس عون في تصريحاته شبه اليومية الى وسائل الاعلام، أو من فريق العهد برئاسة باسيل، او عبر الشائعات التي لا تتوقف، لم يلجأ ميقاتي الى مقاطعة بعبدا او الى الحرد السياسي، بل وضع المصلحة الوطنية العليا فوق كل اعتبار، وزار الرئيس عون لوضعه في أجواء زيارته الى لندن ومن ثم الى الولايات المتحدة الاميركية، وللتأكيد بأنه لن يقبل بإقفال الابواب امام تشكيل الحكومة التي سيعمل جاهدا لكي تبصر النور.

وفي الوقت الذي انتقد فيه عون ميقاتي بشكل مباشر بسبب سفره الذي يعيق تشكيل الحكومةً، وتأكيده بأنه لن يغادر الى أميركا حرصا على عدم إرهاق الخزينة اللبنانية، تبين أن عون أعد العدة كاملة لهذه الرحلة وأرسل وفدا لاجراء ترتيباتها، لكن ظروفا طارئة حالت دون اتمامها، في ظل معلومات تشير الى ان الاطباء نصحوه بعدم الارهاق. 

في حين ان ميقاتي ومنذ توليه رئاسة الحكومة يحرص على القيام برحلاته الخارجية على نفقته الخاصة، وهو يصر على أن يكون لبنان حاضرا في كل الاستحقاقات الدولية الكبرى بعد سنوات عجاف من العزل الكامل، بدءا من غلاسكو الى ميونخ الى الفاتيكان الى فرنسا ومصر وتركيا والاردن وصولا الى لندن وأميركا، لان هذه المشاركات من شأنها ان تعيد الثقة بلبنان وتعزز حضوره إقليميًا ودوليا وتفتح ابواب صندوق النقد الدولي مجددا امامه، بدل ان بكون بلدا منهارا ومتقوقعا وغائبا بشكل كلي عن المجتمع الدولي ما يضعه في دائرة النسيان.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal