إشارات بطريركية سلبية الى جعجع.. هل وصلت الرسالة؟… غسان ريفي

ما يزال كلام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى قناة “الجديد” يتفاعل على الساحتين الوطنية والمسيحية لما تضمنه من مواقف ورسائل مشفرة وأخرى مباشرة وواضحة سواء للاعتراض على سلوك بعض أصحاب الرؤوس الحامية، أو من أجل حماية المجتمع المسيحي من مغامرات سياسية غير محسوبة النتائج.

بدا واضحا أن البطريرك الراعي وجه رسائل مباشرة الى رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، في ما يتعلق بنهاية الولاية الرئاسية وتسليم الصلاحيات الى حكومة تصريف الأعمال، فقطع الطريق على أي إجتهاد دستوري يسعى باسيل للوصول إليه لإلزام الرئيس عون به، فأكد أن على “رئيس الجمهورية أن يخرج كبيرا كما دخله كبيرا، وأن لا علاقة لصلاحيات الرئيس بالحكومة مهما كان نوعها، بل إن صلاحياته تسقط بمجرد إنتهاء الولاية لتنتقل بشكل تلقائي الى الحكومة”، فضلا عن قيام الراعي بإخراج باسيل من سباق المواصفات التي حددتها بكركي من دون تسمية أو تبني لأي مرشح.

الرسائل البطريركية المباشرة الى باسيل، قابلتها رسائل مشفرة الى رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي يبدو أن علاقته مع بكركي وسيّدها ليست على ما يرام، خصوصا أن الراعي رفض منطق إنتخاب رئيس تحدِ أو رئيس مواجهة، وشدد على ضرورة إنتخاب رئيس يكون صديق للجميع وعلى مسافة واحدة مع كل الأطراف، وهو ما يتناقض بشكل كامل مع توجهات جعجع الذي يسوّق لنفسه بطرح إنتخاب رئيس يواجه حزب الله وسلاحه وكل فريق 8 آذار، وهو أمر عبر البطريرك عن رفضه له إقتناعا منه بأن خطاب من هذا النوع ورئيس من هذا الطراز من شأنه أن يؤدي الى حرب أهلية وليس الى مرحلة جديدة من الانقاذ والاستقرار.

واللافت أن الراعي تجاهل خطاب جعجع في معراب عندما أشار الى أنه لم يسمعه ولم يطلع عليه كونه كان منشغلا بقداس أقيم بالتزامن مع الخطاب، ما أوحى بأن البطريرك منزعج من آداء جعجع على مستوى العلاقات المسيحية لا سيما أنه أجهض أكثر من محاولة لعقد لقاء للقادة الموارنة في بكركي، وأيضا من الأسلوب الذي يتبعه في مقاربة الملف الرئاسي لجهة منطق التحدي والتحريض الذي من شأنه أن يقسم البلد عاموديا وأن يمنع إنتخاب رئيس جديد للجمهورية بما يطيل أمد الشغور الرئاسي.

ترى مصادر سياسية مواكبة أن البطريرك الراعي تقصد توجيه إشارات غير ودية أو ربما سلبية باتجاه جعجع الذي لن ينسى الراعي له إستغلاله السياسي لقضية المطران موسى الحاج، وإقناع بكركي بفتح أبواب الصرح البطريركي الصيفي في الديمان أمام المؤيدين لمواقف رأس الكنيسة ووعده بتجييش كل أنصار القوات في قضاء بشري للزحف الى ساحة الصرح دعما له، لكن الراعي لدى خروجه الى الشرفة لالقاء كلمته فوجئ بأن الحشد الذي وعد به جعجع كان على قدر لافت من الهزالة، فضلا عن غياب أكثرية نواب وقيادات القوات وفي مقدمتهم النائب ستريدا جعجع.

كان البطريرك الراعي حاسما، بأن لا مرشح رئاسي لبكركي، لكنه في الوقت نفسه نزع المواصفات التي حددها مرارا وتكرارا عن باسيل وجعجع كونهما يشكلان عامل إنقسام بينما يسعى رأس الكنيسة الى إنتخاب رئيس يشكل عامل جمع، خصوصا أنه سيكون رئيسا لكل اللبنانيين ومن المفترض أن يتعاطى مع كل مكونات هذا الوطن بدون إستثناء.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal