صفعة بطريركية لباسيل!!.. غسان ريفي

نأى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي بنفسه عن الدخول في لعبة الأسماء المرشحة الى رئاسة الجمهورية، وآثر البقاء على مسافة واحدة من الجميع، رافضا إعادة تجربة البطريرك الراحل نصرالله صفير الذي “سبق وندم على تدخله وتسميته”، إنطلاقا من أن بكركي تبقى دائما المحضن الجامع لكل اللبنانيين، وبالتالي فإن تبنيها لهذا المرشح أو ذاك من شأنه أن يُضعف موقفها وأن يجعلها طرفا بدل أن تكون حكما.

يُدرك البطريرك الراعي أن ما يتم التحضير له في أروقة قصر بعبدا مع إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون بتوجيهات من رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، لن يصب في مصلحة أحد وخصوصا المسيحيين، لذلك فقد ركز في حديثه الى قناة “الجديد” على ضرورة تطبيق الدستور ومغادرة الرئيس عون في الوقت المحدد، ناصحا إياه بأن “يخرج كبيرا كما دخل كبيرا”. 

لا شك في أن كلام الراعي ساهم في التضييق على طموحات جبران باسيل الذي ظن تحت تأثير “الهستيريا” التي تتملكه أنه قادر على الاطاحة بالدستور وبكل الاعراف والقوانين وأن يأخذ مع عمه “الجمهورية اللبنانية” رهينة إذا لم يسارع الجميع الى تلبية رغباته إما في تشكيل حكومة على قياسه، أو في الحصول على ضمانات سياسية تمدد نفوذه في السلطة الى العهد الجديد، أو في دعم وصوله الى رئاسة الجمهورية.

واللافت، أن الراعي هدم “قصر الأحلام” الذي حاول باسيل بناءه بالهرطقات الدستورية التي طرحها بداية بهدف التهويل ثم ما لبث أن إقتنع وصدّق بأنه قادر على تنفيذها، بعدما وضع رأس الكنيسة المارونية سلسلة من المسلمات والثوابت التي تتعارض جذريا مع توجهات باسيل، لجهة أن “رئيس الجمهورية لا علاقة له بنوع الحكومة التي ستنتقل إليها الصلاحيات، خصوصا أنه عندما تنتهي ولايته تسقط صلاحياته”، ما يعني تمسك الراعي بالدستور الذي لا يعطي رئيس الجمهورية الحق بتسليم صلاحياته، بل هي تنتقل بشكل تلقائي الى الحكومة من دون تحديد ما إذا كانت كاملة الأوصاف أو تصريف أعمال.

وإنتقد البطريرك الراعي ضمنا فكرة الرئيس القوي، مؤكدا أنه لم يقتنع بها، كما لم يقتنع بفكرة الرئيس الأقوى في طائفته، لأن “ليس هناك معيارا لهذه القوة في الطائفة”، مشددا على “أننا نريد رئيسا يجمع ولا يملك مصالح شخصية وأن يكون متجردا ومتحررا”، وفي ذلك صفعة بطريركية موجعة لباسيل الذي يخوض معركته وفقا لهذه الشعارات التي أسقطها رأس الكنيسة وأخرجه باكرا من سباق مواصفات بكركي التي لا تنطبق عليه.

بدا واضحا أن البطريرك الراعي يعمل جاهدا على إخراج رئاسة الجمهورية من التقوقع الذي أدخلها به الرئيس عون والحصار الذي فرضه عليها باسيل، حيث شدد على أننا نريد رئيسا صديقا للجميع “كرمال ما يقعد لحاله في بعبدا”، وذلك في إشارة واضحة الى عدم رضى البطريرك على السلوك المتبع في دوائر بعبدا والذي أدى الى عزل الرئيس سياسيا إلا من بعض اللقاءات البروتوكولية والتي لديها طابعا شخصيا.

يمكن القول، إن كلام البطريرك الراعي لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة خوف كبير مما قد يخطط له باسيل وينفذه عون في نهاية عهده، لأن أي دعسة دستورية ناقصة في هذا الاطار من شأنها أن تؤدي الى فوضى وربما الى فلتان غير مسبوق في الشارع لن يكون أي طرف بمنأى عنه، وربما أراد الراعي أمس الأول أن يرفع السقف للحؤول دون قيام عون وباسيل بمغامرة غير محسوبة النتائج، كونه لا يريد أن يعيد تاريخ 1989 نفسه ويدفع المسيحيون الثمن الأكبر مجددا!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal