رغبات باسيل تُربك عون!… غسان ريفي

كان كافيا كلام رئيس الجمهورية ميشال عون لصحيفة الجمهورية أمس، لاظهار حجم الارباك الذي يعيشه تياره السياسي والذي ينعكس عليه كونه الوحيد اليوم القادر على تأمين مصالحه بما تبقى من ولايته، او بإدخال البلاد في فوضى دستورية للوصول في ما بعد الى تسويات يكون صهره جبران باسيل جزءا منها. 

لذلك، فقد تضمن الحديث الرئاسي تناقضا واضحا، خصوصا ان عون أكد انه لن يبقى في قصر بعبدا وانه سيذهب الى دارته في الرابية، وفي الوقت نفسه اعلن رفضه تسليم صلاحياته الى حكومة تصريف الاعمال، وانه يسعى لتشكيل حكومة كاملة المواصفات، لكنه ايضا لا يبادر الى تسهيل عملية التأليف بالرغم من تجاوب الرئيس المكلف معه الى ابعد الحدود، ما يعني ان في العقل الرئاسي الباطني رفضا لمغادرة القصر الجمهوري.

واذا كان باسيل الذي هدد بالفوضى الدستورية وبالشارع اعتبر ان حكومة تصريف الاعمال في حال تسلمت الصلاحيات الرئاسية تكون مغتصبة للسلطة، فماذا يعتبر عدم مغادرة عون قصر بعبدا؟.

كل الكلام عن تسليم الصلاحيات تحول الى لزوم ما لا يلزم، كونه يخالف الدستور الذي اقسم الرئيس عون على حمايته والحفاظ عليه، ومن شأنه ان يفتح الابواب على احتمالات خطيرة.

كما أن الحديث عن حكومة مطعمة بستة وزراء سياسيين لكي تكتسب حصانة يهدف فقط لوضعها تحت الوصاية البرتقالية، وتمديد نفوذ باسيل بما يبقيه ضمن المعادلة السياسية ويعطيه فرصة ولو ضئيلة في السباق الرئاسي في حال حصل الشغور، علما أن الحكومة الحالية محصنة بالتيارات المشاركة فيها، لكن الايجابية فيها هي ان ميقاتي يمنع باسيل من التحكم بها، وهذا ما لا يريده عون ويكاد يُخرج باسيل عن طوره حيث لم يعد يمتلك سوى كيل الاتهامات والتلطي خلف صلاحيات عون لتحقيق ما يصبو اليه.

واللافت ان عون حاول إحراج ميقاتي بالتأكيد على انه “وافق على حكومة ثلاثينية” في حين أن ميقاتي سبق وأعلن قبل تكليفه بأنه يسعى الى إعادة تشكيل حكومته نفسها مع تعديلات بسيطة، وترجم ذلك بعد ساعات قليلة من انتهاء الاستشارات النيابية غير الملزمة بتقديم التشكيلة التي تحدث عنها، وهو اكد مرارا وتكرارا رفضه الحكومة الثلاثينية، وهذا ما دفعه الى التجاوب مع مطالب عون تجاه حكومة ال24 بالابقاء على وزير الطاقة والطلب منه تسمية الوزيرين السني والدرزي اللذين كان يفترض ان يعطيه الاسمين في اللقاء الخامس بحسب الاتفاق الذي حصل في اللقاء الرابع، لكن ميقاتي فوجئ بتبديل جذري في موقف عون المربك برغبات باسيل، الامر الذي أوقف المساعي.

ولم يكتف عون بذلك بل حاول وضع ميقاتي في وجه الرئيس نبيه بري عندما طلب منه “اقناعه بالتجاوب بإقرار المراسيم ترقية الضباط من رتبة عميد وتعيين عمداء كليات الجامعة اللبنانية وتسهيل تعيين هيئة رؤساء التمييز لاعادة اطلاق التحقيقات في انفجار المرفأ”، متناسيا انه رئيس حكومة ويحترم الصلاحيات وفصل السلطات ولا يمكن أن يقدم على أمر من هذا النوع.

يمكن القول، ان الكرة باقية في ملعب رئيس الجمهورية الذي اعتمد نظرية المؤامرة باتهام ميقاتي ومن يقف خلفه بانهم لا يريدون تشكيل حكومة ويسعون لابقاء حكومة تصريف اعمال لتسلم الصلاحيات والهيمنة على الحكم. في حين ان عون قادر على إحباط هذه المؤامرة بتوقيعه التشكيلة الموجودة بين يديه، وهو في نهاية المطاف إما أن ينهي عهده بولادة حكومة كاملة الصلاحيات ويُسجل له منع الفوضى الدستورية، أو أن يستكمل دائرة الفشل ويستمر بتلبية رغبات باسيل الذي يحصد اليوم ما زرعه على مدار ست سنوات وصل فيها اللبنانيون الى الدرك الاسفل من جهنم.

Related Posts


Post Author: SafirAlChamal