مراهقة سياسية في الاستشارات.. ميقاتي يحمل كرة النار مجددا… غسان ريفي

جمع الرئيس نجيب ميقاتي بين تصريف الاعمال وبين التكليف بتشكيل حكومة جديدة تستكمل ما بدأته حكومته الحالية التي وضعت لبنان على سكة الانقاذ من بوابة صندوق النقد الدولي، الامر الذي يضع الكرة في ملعب القوى السياسية سواء كانت في الموالاة او في المعارضة لتسهيل مهمة ميقاتي الذي حمل كرة النار مجددا انطلاقا من المسؤولية الوطنية بهدف التخفيف من معاناة اللبنانيين، خصوصا ان الوضع الراهن لم يعد يحتمل ترفا او دلالا او مقاطعة او حردا أو سعيا لتحقيق مكاسب سياسية كما أظهرت الاستشارات النيابية الملزمة امس.

كان لافتا ان ميقاتي تكلف بغطاء سني وازن انطلاقا من دار الفتوى مرورا بدعم رؤساء الحكومات السابقين وصولا الى أكثرية النواب السنة، ما يشير الى انه يشكل الخيار السني الاول الذي يصعب تجاوزه، وبالتالي فإن غيابه او استبعاده عن تأليف الحكومة كان سيؤدي الى شعور سني بالتهميش والاقصاء قد يؤدي الى توترات لا تحمد عقباه.

وكان لافتا ايضا، الكتل والنواب الذين مارسوا السلبية الكاملة بالامتناع عن التصويت وبالتالي غيابهم عن لعب أي دور منوط بهم كممثلين عن الشعب اللبناني الذي لم ينتخبهم للمقاطعة والسلبية بل للتعاون من اجل ايجاد السبل الكفيلة لوقف الانهيار الذي يرخي بثقله عليهم كل يوم.

ويطرح هذا الغياب غير المبرر سلسلة من التساؤلات المشروعة أبرزها: هل ان الكتل والنواب الذين لم يسموا احدا، وخصوصا القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر لم يجدوا في كل الطائفة السنية من هو قادر على تشكيل الحكومة؟ وماذا لو رد النواب السنة الصاع صاعين في انتخاب رئيس الجمهورية ولم يسموا احدا؟ وما هي الاسباب الموجبة التي دفعتهم لعدم التصويت لأي كان بما في ذلك الرئيس ميقاتي الذي لا يختلف احد على انه الاقدر على قيادة المرحلة المقبلة؟ هل يحرص هؤلاء على ان يكون ميقاتي من دون غطاء وطني جامع؟، وهل يأتي هذا الحرص بفعل الخوف من الفراغ الرئاسي ومن ان يكون على رأس الحكومة رئيس سني بغطاء وطني جامع؟. 

وبالرغم من هذا السلوك السياسي الملتبس للممتنعين عن التسمية وتقديراتهم الخاطئة للموقف، فإن ميقاتي كُلّف بغطاء وطني واضح، ما شكل اعترافا بحكمته في ادارة الازمات، وبقدرته على تدوير الزوايا وعلى قيادة المرحلة المقبلة، كما شكل ذلك اعترافا بنجاحه في الحكومة المستقيلة. 

مع انتهائه من الاستشارات النيابية غير الملزمة، من المفترض ان ينصرف الرئيس ميقاتي الى تشكيل حكومة تضم كل اطياف المشهد السياسي اللبناني انطلاقا من ايمانه بضرورة التعاون مع الجميع وبعدم عزل اي فريق الا اذا اراد هو عزل نفسه، وذلك بهدف الوصول الى حكومة فاعلة ومؤثرة بالرغم من الفترة المحدد لها بأربعة اشهر، حيث من المفترض في حال ابصرت النور سريعا ان يكون لها دورا على صعيد استكمال بعض الملفات لا سيما تفعيل التفاوض 

مع صندوق النقد الدولي واقرار خطة التعافي، وانجاز ملف الكهرباء، فضلا عن دور محوري قد تلعبه في قيادتها الفراغ الرئاسي في حال حصوله، علما ان وجود ميقاتي على رأس السلطة يشكل ضمانة لكل القوى السياسية التي سمته والتي لم تسمه كونه بعيد عن سياسة المحاور والكيديات، ويعطي نوعا من الطمأنينة في ظل المخاوف التي تجتاح اللبنانيين الذين يعانون الامرين.

ترى مصادر سياسية مواكبة ان اعادة تكليف ميقاتي هو دليل على مكانة وقوة وحضور الرجل في المشهد الوطني والعربي والدولي، معتبرة ان الاستشارات النيابية الملزمة اظهرت مراهقة سياسية لم يكن اصحابها على مستوى الحدث او الازمات القائمة، كما اظهرت عدم وجود رؤية سياسية لدى البعض الذين لو كان لديهم مسؤولية وطنية وتغليبا للمصلحة العامة وابتعادا عن السلوك الشعبوي والشعارات الفارغة لكنا امام مشهد مختلف يؤسس لانطلاقة قوية، لبنان بأمس الحاجة اليها في ظل هذه الظروف المأساوية!..


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal