لم يكن مستغربا ان يحمل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على الرئيس نجيب ميقاتي في مقابلة “الكيد السياسي” التي أجراها مع الزميل ماريو عبود على شاشة “صوت بيروت انترناشونال”، وتم نقلها على شاشة LBCI، لكن المستغرب كان هو تعاطي باسيل بهذا الحقد والافتراء والابتزاز وصولا الى وقوعه في ارباك واضح نتيجة اصراره على تحميل ميقاتي كل أوزار وفشل العهد حيث قال الشيء ونقيضه في الوقت نفسه ولمرات عدة، ما دفع الزميل عبود الى طرح المزيد من الاسئلة لاستيضاح مواقفه.
حالة القهر والغضب التي ظهر فيها باسيل خلال المقابلة بالرغم من محاولته تغطية ذلك بالابتسامات وببعض “الهضمنة”، تؤكد بما لا يقبل الشك ان الرئيس ميقاتي نجح في عزله طيلة فترة عمله الحكومي ومنعه من وصوله الى مآربه وتحقيق احلامه وتطلعاته وتدخله بكل شاردة وواردة كما اعتاد ان يفعل في الحكومات الماضية، ما انعكس عليه سلبا في الانتخابات.
لم يعد خافيا على أحد أن ميقاتي قطع الماء والهواء عن باسيل، ووقف سدا منيعا في وجه مشاريعه التي كانت تهدف الى تحقيق مصالح انتخابية، بدءا من سد بسري مرورا بمعمل سلعاتا وصولا الى ملف الكهرباء والتشكيلات الدبلوماسية وغيرها كثير من المصالح الباسيلية.
وجد باسيل في مقابلة الامس ان الوقت قد حان لتصفية الحساب مع ميقاتي خصوصا انه يعتبر نفسه اليوم في موقع يؤهله ان يضع شروطا وان يمارس الابتزاز الذي اعتاد عليه لكنه نسي او تناسى ان الرئيس ميقاتي ليس طالبا لولاية بل هو أولا، يشكل ضرورة وطنية انطلاقا من كونه القامة السنية والوطنية على مستوى البلد والمؤهلة لقيادة المرحلة المقبلة، وثانيا، فإن غياب هذه القامة عن رئاسة الحكومة لمصلحة شخصيات ضعيفة ممن سماها باسيل او اجرى لها اختبارا تشكل إمعانا في تهميش الطائفة السنية التي لا ينقصها مزيدا من الشعور بالغبن والتهميش، ما قد يؤدي الى توترات على المستوى اللبناني قد لا تكون في مصلحة أحد.
يدرك باسيل ان رئيس الجمهورية ميشال عون يرغب بعودة ميقاتي الى رئاسة الحكومة وهو سبق وأبلغه بذلك صراحة، لذلك فقد حاول باسيل قطع الطريق عليه بتحميله كل الفشل الحاصل وبسوق العديد من الاتهامات ضده ومنها ما يتعلق بتعديل المرسوم 6433 المتعلق بالخط 29 الموجود في ادراج الرئيس عون منذ حكومة حسان دياب، متناسيا ان الدستور قد حصر ادارة المفاوضات الخارجية برئيس الجمهورية وحده، وان كل المطالب اليوم تنهال على الرئيس عون من أجل ازالة الغموض عن هذا الملف ومصارحة اللبنانيين وتوقيع تعديل المرسوم، وما يقوله العميد بسام ياسين في هذا الاطار واضح ولا لبس فيه.
أما عن ملف الكهرباء الذي استرسل فيه باسيل، فاللبنانيون جميعهم يعلمون الحقيقة كاملة، وكيف أن نصف المديونية العامة كانت نتيجة التعاطي الخاطئ والهدر الكبير بملف الكهرباء وفي وزارة الطاقة التي تعاقب عليها ستة وزراء برتقاليين، وبالتالي فإن من فشل وزراؤه في حل معضلة الكهرباء على مدار اكثر من عشر سنوات لا يحق له الحديث عنها.
كذلك فإن ميقاتي الذي رفض التدخل بعمل القضاء وارتضى تعطيلا لحكومته لأكثر من مئة يوم جراء ذلك لم يكن هو من عطل محاكمات انفجار مرفأ بيروت كما ادعى باسيل، بل في الامر خلافات سياسية واتهامات كيدية يعلمها القاصي والداني، في حين ان ترداد نغمة اقالة حاكم مصرف لبنان لم تعد تجدي نفعا، كونها تحتاج الى توافق سياسي ليس متوفرا في الوقت الحالي، خصوصا انه لم يسبق ان تم تعيين حاكم لمصرف لبنان في نهاية عهد رئاسي، خصوصا ان الحاكم يعتبر من الفريق الذي غالبا ما يأتي في عهد جديد.
بدا باسيل متخوفا جدا من ان يتسلم الرئيس ميقاتي ادارة الفراغ الرئاسي في حال حصوله، كونه بات على يقين بأن لا خبز سياسيا له معه، ما يعني استمرار عزله عن اي تدخل، لذلك فقد اوحى باسيل بإمكانية عدم قيام الرئيس عون بتسليم صلاحياته الى حكومة تصريف أعمال في حال لم تشكل حكومة جديدة، وهو امر يعتبر تعديا على الدستور واغتصابا للسلطة.
يرى مراقبون ان ما ساقه باسيل في مقابلته امس من افتراءات واتهامات ضد الرئيس ميقاتي كانت شهادة له وليست شهادة عليه، لافتين الانتباه الى أن باسيل بدا غاضبا وحاقدا على رئيس حكومة تصريف الاعمال الذي يرفض التعاطي معه، لذلك مارس كل ما لديه من ابتزاز لاستدراج ميقاتي الى شروطه، لكنه ربما لم يصل الى مسامعه ما سبق وقاله ميقاتي بأنه لن يهرول الى رئاسة الحكومة ولن يقبل بأية شروط، ما يجعل كل ما قاله باسيل امس هو لزوم ما يلزم!..
Related Posts