عون يُدرك الحاجة الى ميقاتي.. والكرة في ملعب النواب!… غسان ريفي

من المفترض ان يكتمل يوم غد الثلاثاء الاطار التشريعي لمجلس النواب بانتخاب اللجان النيابية التي ستعطي صورة جديدة عن موازين القوى وستشكل امتحانا ثانيا للقوى السيادية والتغييرية والثورية لاثبات وجودها بعد إخفاقها الكامل في ايصال من يمثلها الى هيئة المكتب في الجلسة الاولى التي انتخب فيها نبيه بري رئيسا لمجلس النواب والياس بوصعب نائبا له وكذلك امين السر الماروني آلان عون بأكثرية 65 صوتا..

وتتجه الانظار بعد جلسة الثلاثاء التي من المرجح ان تطول أو ان تمدد الى يوم الاربعاء في حال كان خيار الانتخاب قائما في كل لجنة، الى قصر بعبدا لتوجيه رئيس الجمهورية ميشال عون الدعوة للاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس للحكومة.

كل المعطيات تشير الى ان الدعوة للاستشارات لن تكون سريعة وهي قد تأخذ وقتا ربما الى نهاية الاسبوع الحالي او الى مطلع او منتصف الاسبوع المقبل، وذلك لحين القيام بالمشاورات المطلوبة حول تسمية الرئيس العتيد الذي ترجح المعلومات أن يكون الرئيس نجيب ميقاتي انطلاقا من كونه الاقدر على قيادة المرحلة المقبلة واستكمال ما بدأه في حكومة “معا للانقاذ” التي دخلت مرحلة تصريف الاعمال.

لذلك، فإن الكرة اليوم باتت في ملعب الكتل النيابية التي عليها ان تحسم امرها ان لجهة التكليف، أو لجهة تسهيل مهمة التأليف، خصوصا انه لم يعد خافيا على أحد بأن تكليف رئيس جديد وتشكيل حكومة وفقا للتوازنات الجديدة لمجلس النواب هو امر بالغ الصعوبة اذا لم يكن مستحيلا، خصوصا في ظل الخلاف العلني القائم بين الكتل النيابية حول شكل ومضمون الحكومة في ان تكون سياسية او تكنوقراط او من مستقلين اختصاصيين او سيادية، والتي قد لا تكفي الاشهر المتبقية للعهد للتوافق عليها لكي تبصر النور، ما يعني استمرار حكومة تصريف الاعمال بمهامها الى حين انتخاب رئيس جديد للجمهورية أو قيادتها للفراغ الرئاسي، علما ان مجلس النواب يتحول منذ الاول من شهر ايلول المقبل الى هيئة ناخبة، ما يعني ان تشكيل الحكومة ونيلها الثقة من المفترض ان يكون في مهلة اقصاها نهاية شهر آب وهو أمر بعيد المنال.

من هنا تبرز الحاجة الى الرئيس ميقاتي في تشكيل حكومة افضل الممكن التي قد تشبه الى حد بعيد حكومته الحالية او ربما تكون نسخة طبق الاصل عنها، وذلك للاستفادة مما تبقى من ولاية العهد لاستكمال بعض الامور الضرورية لاسيما ما يتعلق بصندوق النقد الدولي وخطة التعافي واموال المودعين، والكهرباء.

وتشير المعلومات الى ان رئيس الجمهورية يدرك الحاجة الى الرئيس ميقاتي وهو مقتنع بأن لا بديل عنه في المرحلة المقبلة، لذلك كان اللقاء الذي جمع الرئيسين قبل أيام إيجابي جدا على عكس ما اوحى بعض المتضررين من العلاقة الجيدة بينهما.

يمكن القول، إن الرئيس ميقاتي “عاوز ومستغني” وهو اعلن ذلك مرارا بأنه غير متحمس لتشكيل الحكومة الجديدة، لكن في الوقت نفسه لن يتخلى عن المسؤولية الوطنية التي تفرض تعاون الجميع على تسهيل مهمة التأليف في حال حصل التكليف، والابتعاد عن الشروط والاملاءات ومحاولات الابتزاز السياسي، أولا، لأن ميقاتي لن يقبل بأية شروط، او ان يتم ادخاله في متاهات الحصص والاحجام والاكثرية والاقلية، وثانيا، لأن احدا لا يمتلك ترف الوقت، خصوصا ان الازمات التي تتخبط فيها البلاد تحتاج الى توافقات سريعة لاستكمال العمل وتجنب الفراغ الذي سيزيد الامور سوءا. 

أمام هذا الواقع، يبدو لبنان أمام مفترق طرق فإما أن يصار الى تكليف ميقاتي وتسهيل مهمته بما يعيد الانتظام السياسي أقله حتى نهاية العهد، أو ان يصار الى عرقلة التأليف بالمطالب والشروط سواء مع ميقاتي أو مع غيره، فتستمر بالتالي حكومة تصريف الاعمال الى ما شاء الله، وعندها سيكون النواب من قدامى وجدد موضع مساءلة من الشعب اللبناني الذي انتخبهم لاخراجه من جهنم وليس للدفع به الى الدرك الاسفل منها.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal