دوافع ومحركات النزاع الإيديولوجي في الحرب الروسية الأوكرانية (3)… صبحي عبد الوهاب

تابع بايدن خطابه قائلاً: “نحن نجتمع في القصر الملكي في هذه المدينة التي لا تضم مكاناً مقدساً في تاريخ أوروبا فحسب، بل هي القلب الذي يبحث فيه البشر بشكل دائم عن الحرية. لقد وقفت وارسو لأجيال عند النقطة التي تعرضت فيها الحرية للتحديات وسادت في نهاية المطاف. وهنا في وارسو عادت لاجئة شابة فرت من وطنها تشيكوسلوفاكيا الخاضعة للسيطرة السوفياتية للتحدث مع المنشقين والتضامن معهم. كانت تدعى مادلين كوربل أولبرايت. أصبحت من أكثر المؤيدين المتحمسين للديمقراطية في العالم. كانت صديقة وكانت أول وزيرة خارجية في الولايات المتحدة، وقد توفيت ولكنها حاربت طوال حياتها من أجل المبادئ الديمقراطية الأساسية. والآن، في خضم النضال الدائم من أجل الديمقراطية والحرية، تقف أوكرانيا وشعبها في الخطوط الأمامية ويقاتلون لإنقاذ أمتهم. وتشكل مقاومتهم الشجاعة جزءاً من معركة أكبر من أجل مبادئ ديمقراطية أساسية توحد كافة الأحرار، ألا وهي سيادة القانون والانتخابات الحرة والنزيهة وحرية الكلام والكتابة والإجتماع وحرية العبادة كما يختارها المرء وحرية الصحافة. هذه المبادئ ضرورية في أي مجتمع حر. ولكنها كانت دائما محاصرة ويجب على كل جيل هزيمة أعداء الديمقراطية الفانين. العالم غير كامل كذلك كما نعلم، وتسعى فيه شهوات قلة وطموحاتهم إلى السيطرة على حياة وحريات الكثيرين إلى الأبد.

ويتوجه بايدن برسالة الى شعب أوكرانيا مشدداً على إلتزام الولايات المتحدة الأميركية بالوقوف الى جانب نضال الشعب الأوكراني. ويرى بايدن أن روسيا تقوم في المرحلة الراهنة بخنق الديمقراطية، وقد سعت إلى القيام بذلك في أماكن أخرى، وليس في داخل حدودها فحسب. فغزت الدول المجاورة لها تحت ذريعة مزاعم كاذبة عن التضامن العرقي. حتى أن بوتين يتمتع بجرأة الإدعاء في “إزالة النازية” من أوكرانيا. ويراها بايدن كذبة. وهو يعرف تمام المعرفة أنها مجرد تهكم وكلام وقح.

ولا يلبث بايدن أن يبادل عنصرية بوتين بإضاءة أشد وأدهى بعنصرية أشد وأدهى ويذهب أكثر عمقاً في مقاربة الواقع السياسي الأوكراني فيشير الى أن الرئيس الأوكراني زيلينسكي قد تم إنتخابه ديمقراطيا. وهو بالتالي يهودي تم القضاء على عائلة والده في المحرقة اليهودية النازية. ويجرؤ بوتين على الاعتقاد أن القوة هي الحل، مثله مثل كافة الحكام المستبدين الذين سبقوه. ولقد إستلهم بايدن روح المعارضة التي بثها أبراهام لنكولن في الماضي البعيد لإنقاذ الإتحاد الأميركي الذي كان في خضم حرب أهلية، دعا فيها الى الإيمان بأن ” الحق يصنع القوة”. ويجدد بايدن مقولة لينكولن فيدعو الى التحلي بالإيمان و”عقد العزم على وضع قوة الديمقراطيات موضع التنفيذ لإحباط مخططات الإستبداد. ونتذكر أن الإختبار الذي نواجهه اليوم هو الاختبار الأكبر”.

ويذهب بايدن الى مواجهة الكرملين بشكل مباشر مستغربا كيف يتصور بوتين توسع حلف شمال الأطلسي (الناتو) كمشروع إمبراطوري يهدف إلى زعزعة استقرار روسيا، بالرغم من أن هذا الكلام هو الأبعد عن الحقيقة فالناتو هو تحالف دفاعي، ولم يسع في يوم من الأيام إلى إزالة روسيا. وتبرز مبررات بايدن الشخصية حينما اشار الى أن الولايات المتحدة وحلف الناتو قد عملوا على مدى شهور وبشكل خاص في الفترة التي سبقت الأزمة الحالية لإشراك روسيا وتجنب الحرب، إذ “التقيت مع بوتين شخصيا وتحدثت معه هاتفيا عدة مرات”.ولقد “عرضنا دبلوماسية حقيقية ​​مرارا وتكرارا وقدمنا مقترحات ملموسة لتعزيز الأمن الأوروبي وتعزيز الشفافية وبناء الثقة بين كافة الأطراف. ولكن بوتين وروسيا واجها المقترحين بلا مبالاة في أي مفاوضات وبأكاذيب وإنذارات. كانت روسيا عازمة على العنف منذ البداية، ولقد علم الجميع بأنهم لم يصدقوننا عندما لم ننفك نقول: “سيعبرون الحدود، سيقومون بالهجوم”.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal