من يتسنّى له أن يتابع تصريحات وخطابات أغلب المرشّحين للإنتخابات النيابيّة، سواء النوّاب الحاليين، أو النوّاب والمرشّحين السّابقين، أو المرشّحين الجدد لا يهمّ إنْ كانوا من مرشّحي الحَراك الشّعبي والمجتمع المدني أو طامحين يخوضون غمار الإنتخابات لأوّل مرّة، يرى السطحية في المواقف والآراء التي يتسم بها أغلبهم، والخواء في أفكارهم السياسيّة والمالية والإقتصادية والإجتماعية، وصولاً إلى خواء أفكارهم الإنتخابية وحملاتهم الدعائية.
فالنوّاب الحاليين ينطلقون في مواقفهم وتصريحاتهم من تفسير وتبرير ما عجزوا عن القيام به خلال السنوات الأربع الماضية، ومن الفخر والإعتزاز بالنفس بما أنجزوه، برغم أنّه كان قليلاً جدّاً بسبب الإنهيار المالي والإقتصادي، وتفشّي فيروس كورونا، أو الحَراك الشّعبي الذي اندلع في 17 تشرين الأوّل عام 2019، وأرخى بذيوله وتداعياته على جانب واسع من الحياة العامّة والسياسيّة في لبنان.
وإذا كان مفهوماً أنّ أغلب النوّاب الحاليين وبعض السّابقين ينطلقون من قاعدة شعبية يلجأون إليها ويعتمدون عليها، سواء كانت هذه القاعدة حزبية أو عائلية أو طائفية أو مذهبية، وبالتالي فهم قادرين على خوض الإنتخابات النيابية بإمكانات معينة تعطيهم حظوظاً بالنجاح أكبر من احتمالات الفشل، فإنّ المرشّحين الجدد على اختلاف إنتماءاتهم يخوض أغلبهم هذه الإنتخابات بأساليب قديمة، وخطاب ممجوج، وأفكار ضحلة، لا تجلب ناخباً، ولا تشدّ مواطناً، ولا تعجب طامحاً بالتغيير نحو الأفضل، أو أقله الخروج من هذا الواقع البائس، وبالتالي فإنّهم لا يختلفون عن النوّاب الحاليين والقدامى في شيّىء، وشعارهم هو “قم لأجلس مكانك”.
في خطابات المرشّحين الجدد، على اختلافهم، لا يعثر النّاخبون على أيّ رؤية إقتصادية للحلّ والخروج من المأزق، إلّا في ما ندر، وإذا عُثر على بعض الأفكار والطروحات فإنّ أغلبها هو نظري وليس عملياً، وجزئي وليس عامّاً، وشكلي وليس جوهرياً، وإذا توافر لدى بعض هؤلاء المرشّحين أفكار معينة جيدة وجديدة وجديرة بالنقاش والأخذ بعين الإعتبار، فإنّ أصحابها لا يملكون ـ للأسف ـ حظوظاً بالنّجاح والوصول إلى المجلس النيابي.
وعلى الرغم من الازمة المالية وانهيار سعر صرف الليرة اللبنانية، يندر العثور على رؤية او موقف من تثبيت سعر الصرف والتدقيق الجنائي والكابيتال كونترول، وكأن هذه الازمات هي في بلد اخر وليس لبنان. وكذلك لا يعثر المرء على اي اثر لمشروع هؤلاء المرشحين بهدف استعادة الثقة بالدولة، داخليا وخارجيا، او تفعيل هيئات التفتيش المركزي، وصندوق الضمان الاجتماعي ومجلس الخدمة المدنية، او عن التقديمات الاجتماعية وضمان الشيخوخة والزامية التعليم ومجانيته، وحق المرأة اللبنانية في اعطاء جنسيتها لأبنائها.
وكذلك، لا يعثر النّاخبون على أيّ فكرة أو برنامج لهؤلاء المرشّحين في تخفيف ومحاصرة الفقر في مناطق الأطراف والمناطق الريفية، ولا في وقف تمدّد أحزمة البؤس حول المدن ولا في الأحياء الشّعبية والفقيرة، بل تكشف أفكارهم وطروحاتهم كأنهم يعيشون في عالم آخر، وفي انفصام عن الواقع، ويظنّون أنّهم ببعض المال، أو “البوستات” و”اللايكات” على منصّات مواقع التواصل الإجتماعي قد حقّقوا المطلوب وضمنوا الفوز.
Related Posts