المجتمع المدني في الشّمال الثانية: لوائح ومرشّحين في خدمة السّلطة!… عبدالكافي الصمد

من أصل 11 لائحة رست عليها دائرة الشّمال الثانية (طرابلس والضنّية والمنية) إحتلت بها صدارة الدوائر الإنتخابية من حيث وجود أكبر عدد من اللوائح الإنتخابية فيها، توزّع عليها 100 مرشحا للتنافس على 11 مقعداً، كان لافتاً أنّ مرشّحي حَراك 17 تشرين والمجتمع المدني توزّعوا على 7 لوائح، بينما إقتصر توزّع مرشّحو الأحزاب والتيّارات والشخصيات السياسيّة على اللوائح الأربع الباقية.

بعد إقفال باب تأليف اللوائح في 4 نيسان الجاري، تبيّن أنّ مرشّحي الحَراك والمجتمع المدني قد شكّلوا لوائح تعادل تقريباً ضعف عدد لوائح القوى السياسية، ما أثار تساؤلات حول أسباب عدم توافقهم وتوحّدهم في لائحة واحدة أو لائحتين على الأكثر، حتى يتمكّنوا من تحقيق نتيجة إيجابية ويتجاوزوا العتبة الإنتخابية، لأنّ تشتت أصواتهم على 7 لوائح يعني بكلّ بساطة أنّهم جميعاً لن ينالوا حاصلاً إنتخابياً، ولن يفوزوا بأي مقعد نيابي في الإستحقاق الإنتخابي المقرّر في 15 أيّار المقبل.

اللوائح الأربع للقوى والأحزاب والتيّارات السياسيّة توزّعت كالتالي: لائحة “للناس” التي تضم مرشّحين ضمن تحالف تيّار العزم والمرشح كريم كبّارة نجل النائب محمد كبّارة، ولائحة “لبنان لنا” التي تضم مرشّحين يدورون في فلك تيّار المستقبل لم ينصاعوا لقرار الرئيس سعد الحريري بالعزوف عن الترشّح والمشاركة في الإنتخابات أبرزهم النائب السّابق مصطفى علوش، ولائحة “الإرادة الشّعبية” التي تضم تحالف النائبين فيصل كرامي وجهاد الصمد مع مرشّحين آخرين، ولائحة “إنقاذ وطن” التي تضم تحالف الوزير السّابق أشرف ريفي مع القوات اللبنانية.

مقابل هذه اللوائح الأربع، توزّع مرشّحو الحَراك والمجتمع المدني في عاصمة الثورة على 7 لوائح، بعدما تعذّر عليهم التوافق على لائحة أو لائحتين بسبب خلافات عديدة نشبت بينهم، إلى جانب توزّع ولاءاتهم بين أكثر من جهة داخلية وخارجية داعمة لهم، وغلبة الأنانية وطموحات شخصية لدى أكثريتهم، وتبادل الإتهامات بينهم ونشر أكثرها على العلن، ما فوّت فرصة غير مسبوقة كان من شأن اغتنامها أن يحقق “مرشحو التغيير” مفاجأة من العيار الثقيل في دائرة الشّمال الثانية، خصوصاً بعد انسحاب أكبر قطبين فيها من المشهد الإنتخابي، الرئيس سعد الحريري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي.

اللوائح السبع المذكورة توزعوا كالتالي: لائحة “قادرين” التي يدعمها الوزير السّابق شربل نحّاس، لائحة “الإستقرار والإنماء” التي يدعمها بهاء الحريري، لائحة “التغيير الحقيقي” التي تضم تحالفاً بين الجماعة الإسلامية والمرشّح إيهاب مطر وآخرين، لائحة “الجمهورية الثالثة” التي يرأسها المرشّح عمر حرفوش، لائحة “إنتفض للسيادة للعدالة” التي تضم مرشحين من قوى التغيير، ولائحتي “طموح الشباب” و”فجر التغيير” التي تضم مرشّحين مغمورين.

تشتت مرشّحي الحَراك والمجتمع المدني على هذا العدد الكبير من اللوائح، سيؤدي إلى نتيجتين لا ثالث لهما: الأولى أنّ أيّاً من هذه اللوائح لن يتجاوز العتبة الإنتخابية ولن يفوز أيّ من مرشحيها بأيّ مقعد نيابي؛ والثاني أنّ هذه اللوائح ستسهم بشكل رئيسي في خفض الحاصل الإنتخابي إلى أقل ممّا كان عليه في الإنتخابات السّابقة، أي أنّها ستقدم خدمة مجانية على طبق من ذهب لمرشّحي السّلطة والقوى السياسيّة الذين سيفوزون بسهولة بمقاعد الدائرة.


Related Posts


   

Post Author: SafirAlChamal