إستحقاق 15 أيّار: السّاحة المسيحية ميدان التنافس الوحيد… عبد الكافي الصمد

ما أن انتهى موعد تقديم طلبات الترشّح للإنتخابات النيابيّة المرتقبة في 15 أيّار المقبل، وأقفل على ترشّح 1043 شخصاً لها، حتى تسارعت التحليلات والقراءات حولها، في محاولة منها لتوقّع نتائجها المفترضة، وتلمّس معالمها مسبقاً.

وفق أغلب هذه التحليلات والقراءات فإنّ أربعة مشاهد رئيسية ستحفل بها الإنتخابات المقبلة، سترسم نتائجها معالم المجلس النيابي الجديد وميزان السّلطة في السنوات الأربع المقبلة، وهذه المشاهد هي:

أولاً: مشهد الشّارع الشّيعي لن يشهد على الأرجح أيّ تغيير محتمل بعدما ثبّت الثنائي الشّيعي، حزب الله وحركة أمل، تحالفهما الرّاسخ منذ أول إنتخابات نيابية جرت بعد اتفاق الطائف، عام 1992، وهو تحالف أحكم الثنائي عبره الإمساك بالأكثرية النيابية الشيعية، ما جعل اختراقها وتجاوزها أمراً بالغ الصعوبة ويقرب حدّ الإستحالة.

ثانياً: لأوّل مرّة في تاريخ مشاركة الطّائفة السنّية في الإنتخابات النيابيّة يغيب أقطابها وقادتها عن المشهد الإنتخابي، بعدما أعلن أعضاء نادي رؤساء الحكومات تباعاً عزوفهم عن خوض الإنتخابات النيابيّة المنتظرة، من تمّام سلام إلى سعد الحريري إلى نجيب ميقاتي ففؤاد السّنيورة، ما ترك فراغاً كبيراً خلفهم لم تعهده الطّائفة السنّية من قبل، حيث ينتظر أن يُملأ هذا الفراغ بمن حضر من شخصيات ومرشحين وأحزاب، وسط توقعات أن تشهد دورة الإنتخابات المقبلة مقاطعة سنية لم تعرفها من قبل تعكس حجم أزمتها وإحباطها.

ثالثاً: يراهن بعض المراقبين أن تشهد الإنتخابات النيابية المقبلة إقتحام عدد من مرشحي المجتمع المدني المشهد الإنتخابي من أوسع أبوابه، وأن يحصد مرشحو حَراك 17 تشرين الأوّل 2019 والثورة عدد لا بأس به من مقاعد المجلس النيابي الجديد، بالتحالف مع مستقلين أو مع مرشحين تابعين بشكل غير مباشر ومضمر لأحزاب وتيّارات سياسية مختلفة تدور في فلك فريق 14 آذار الذي بات أطلالاً، وأنّ دعماً كبيراً يُنتظر أن تتلقاه هذه المجموعات من سفارات عربية وغربية، لكن عوائق رئيسية تعترض هذه المجموعات ويرجّح أن تقف حائلاً أمام تحقيقها طموحاتها، من أبرزها كثرتها وتعدّد رؤوسها وانقساماتها، وعدم توافقها على لائحة أو لوائح موحدة.

رابعاً: وحده الشّارع المسيحي يتوقع أن يشهد إنتخابات وسط أجواء تنافسية تبدو غائبة كليّاً أو جزئياً في بقية الشّوارع الأخرى، وتحديداّ السنّي والشّيعي. وتعود أجواء هذا التنافس المرتقبة ليس فقط إلى حيوية لافتة وتاريخية موجودة في الشّارع المسيحي، بل إلى تعدّدية سياسية لم تنجح كلّ الظروف التي مرّ بها لبنان، من حروب وتسويات، في إلغائها. ففي حين يتحكم ثنائي حزب الله وحركة أمل بالشّارع الشّيعي، وتصدر تيّار المستقبل بلا منافس فعلي الشّارع السنّي في السّنوات الماضية، وكذلك الحال بالنسبة للحزب التقدمي الإشتراكي في الشّارع الدرزي، فإنّ الشّارع المسيحي منقسم بين أكثر من طرف رئيسي، من التيّار الوطني الحرّ إلى القوّات اللبنانية وتيّار المردة وحزب الكتائب وحزب الطاشناق.

ولكن هذا التنافس التعدّدي ليس وحده سبب خطف الشّارع المسيحي الأنظار في الإنتخابات المقبلة، بل لأنّ المجلس النيابي الجديد هو من سينتخب رئيس الجمهورية المقبل، ما جعل من الإنتخابات المقبلة فرصة سانحة كي تستعرض القوى المسيحية قوتها على أوسع نطاق.


Related Posts


   

Post Author: SafirAlChamal