إرتفاع أعداد المرشّحين هل يرفع نسبة المقترعين؟… عبد الكافي الصمد

دأبت معظم التحليلات في الآونة الأخيرة على التأكيد أنّ نسبة الإقتراع في الإنتخابات النيابيّة المرتقبة في 15 أيّار المقبل ستكون متدنية، قياساً بدورات الإنتخابات السّابقة، وأنّ إقبال النّاخبين على صناديق الإقتراع سيكون ضعيفاً جدّاً هذه المرّة.

تستند معظم هذه التحليلات لتأكيد صوابية ما تقول إلى أمرين: الأوّل الوضع المعيشي والإقتصادي المأزوم والخانق، الأمر الذي سيدفع كثير من المواطنين إلى العزوف عن المشاركة بالإنتخابات وعدم الحماسة للإقتراع لأيّ من المرشّحين بسبب التدهور الذي أوصل البلاد إلى قعر سحيق.

أمّا الأمر الثاني فهو إنسحاب الرئيس سعد الحريري وتيّار المستقبل وشخصيات سنّية وازنة من المشهد الإنتخابي، لأسباب مختلفة، ما أصاب جمهور هؤلاء بإحباط وجعلهم ينكفئون ويفضّلون عدم المشاركة، وصولاً إلى حدود مقاطعة الإنتخابات في الشّارع السنّي تشبه مقاطعة المسيحيين للإنتخابات عام 1992.

لكن ما شهدته الأيّام الماضية من إقبال غير مسبوق للمرشّحين فرض إعادة النظر في هذه التحليلات، برغم أنّ أغلبيتهم العظمى هم من مرشّحي الصفوف الثانية والثالثة أو الرابعة وما دون، بشكل بدت معه الإنتخابات النيابية المقبلة كأنّها تدور بين مرشحين للإنتخابات البلدية والإختيارية وليس التشريعية.

ويبدو أنّ هؤلاء المرشّحين، الذين سوف يرتفع عددهم بلا شكّ في السّاعات الـ48 المقبلة، بالتزامن مع إقفال باب الترشّح للإنتخابات منتصف ليل غد الثلاثاء، قد وجدوا أنّ الفرصة أمامهم سانحة للفوز بمقعد نيابي كان متعذراً عليهم أن يحلموا به في دورات الإنتخابات السّابقة نتيجة وجود أقطاب الطائفة السنّية في صدارة المشهد الإنتخابي، إلا أنّه وبعدما خلت الساحة منهم، فإن الفرص برأي المرشّحين الجدد لا ينبغي أن تُفوّت لأنّها قد لا تتكرّر ثانية.

ففي دائرة الشّمال الثانية التي تضم طرابلس والضنّية والمنية، كمثال، فقد بلغ عدد المرشحين في مدينة طرابلس وحدها حتى يوم الجمعة الماضي 73 مرشحاً، علماً أنّه في انتخابات 2018 بلغ عدد المرشّحين في الدائرة كلّها 75 مرشّحاً، أيّ أنّ المرشّحين للإنتخابات المقبلة في الدائرة المذكورة قد يتضاعف عن ما كان عليه قبل 4 سنوات، أيّ أنّ عدد اللوائح لن يقتصر على 8 لوائح كما كان في 2018، وأنّ النوّاب الفائزين الـ11 في هذه الدائرة لن يقتصر على 3 لوائح رئيسية، بل قد يتوزعون على أكثر من لائحة في ضوء تبعثر القوى والأصوات، وفي ظلّ توقعات أن ينخفض معها الحاصل الإنتخابي إلى ما دون الحاصل الذي كان عليه سابقاً.

وإذا كانت الماكينات الإنتخابية الكبرى ستغيب عن المشهد الإنتخابي في هذه الدائرة، فإنّ الماكينات الإنتخابية الصغيرة ستكون حاضرة وبقوة، وإذا جرى الإفتراض أنّ كلّ مرشّح سيقترع له عائلته وأصدقاؤه وجيرانه، فإنّ أعداد النّاخبين لن تكون قليلة، وهي قد تشهد إرتفاعاً سيكون مفاجئاً لن يكون في حسبان أحد، لا على صعيد التصويت ولا بما يتعلق بالنتائج الذي قد تكسر كلّ التوقعات والحسابات.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal