العدّ التنازلي لاستحقاق 2022 بدأ.. أكثر من تعبير عن أزمة نظام!… عبدالكافي الصمد

إنتهت منتصف ليل أمس الثلاثاء مهلة تقديم طلبات الترشيح للإنتخابات النيابيّة المقبلة على مشهد سياسي ـ إنتخابي لم يعرفه لبنان من قبل، شكلاً ومضموناً، وأعطت إنطباعاً أن ما ستسفر عنه هذه الإنتخابات من نتائج وتغييرات مرتقبة يعدّ مقدمة لنقلة لم تتضح ملامحها بعد، ليس حول التحالفات الإنتخابية والسياسية في المرحلة المقبلة، بل حول مصير الكيان اللبناني ومستقبله.

في الشّكل لم تختلف صورة المشهد الإنتخابي المرتقب بعد إقفال باب الترشّح عن ذلك المشهد الذي كان قبل أربع سنوات. ففي دورة عام 2018 ترشّح لتلك الإنتخابات 976 مرشحاً، قبل أن يستقر العدد بعد إلغاء ترشيحات أو انسحاب مرشحين بلغ عددهم 379 مرشحاً، على 579 مرشحاً فعلياً ونهائياً، إنتظموا في 77 لائحة في مختلف الدوائر الإنتخابية.

حتى ساعات قليلة من ليل أمس كان العدد النّهائي للمرشّحين يقترب من العدد الذي كان عليه قبل 4 سنوات، قد يزيد أو ينقص قليلاً، ما يعني بأنّ الأنظار ستتجه بعدها إلى 30 آذار الجاري وهو آخر موعد كي يسحب المرشحون ترشيحاتهم، وكذلك إلى 4 نيسان المقبل، وهو آخر موعد لتشكيل اللوائح، ما يعني أنّه خلال فترة الأسابيع الثلاثة المقبلة ستتم غربلة الكثير من المرشحين قبل أن يستقر عددهم على شكله النّهائي.

أمّا في المضمون فإنّ استحقاق الإنتخابات المرتقب في 15 أيّار المقبل يختلف جذرياً عن استحقاق 2018، وفي نقاط عدّة أبرزها:

أولاً: تأتي الإنتخابات المقبلة والبلد منهار إقتصادياً ومالياً ومعيشياً وإجتماعياً، جرّاء الإنهيار الكبير للعملة الوطنية والإقتصاد المحلي، عكس الإستقرار الظاهري الذي كان عليه لبنان قبل أربع سنوات، ما يشير إلى أزمات حقيقية ستواجه المرشّحين مع كتلة واسعة من الناخبين حول برامجهم الإنتخابية ورؤيتهم للحلول من أجل الخروج من الأزمة.

ثانياً: تشير أغلب التوقعات إلى أنّ الإنتخابات المقبلة ستشهد نسبة إقبال هي الأضعف في تاريخ لبنان، لأسباب عديدة، منها الأزمات الإقتصادية والمالية والإجتماعية السالفة الذكر، وكذلك غياب أقطاب الطائفة السنّية عن المشهد الإنتخابي وعزوفهم عن الترشّح واحداً تلو الآخر، كلّ لأسباب مختلفة، ما جعل البعض يرى أنّ السّاحة السنّية ستشهد مقاطعة للإنتخابات المقبلة شبيهة بتلك التي قام بها المسيحيون عام 1992، ولو أنّ كلّ مقاطعة لها ظروفها المختلفة عن الأخرى.

ثالثاً: لأوّل مرّة منذ تأسيس الكيان اللبناني عام 1920 يغيب أقطاب الطّائفة السنّية عن المشهد الإنتخابي، بعد عزوف أعضاء نادي رؤساء الحكومات عن الترشّح بدءاً من الرئيس سعد الحريري والرئيس تمّام سلام، مروراً بالرئيس نجيب ميقاتي وصولاً إلى الرئيس فؤاد السنيورة، ما يعني أنّ أقطاب هذه الطائفة وقياداتها البارزين مرشّحون بصورة او بأخرى للغياب عن المشهد الإنتخابي في السّنوات الأربع المقبلة، وأنّ فراغاً كبيراً سيتركه هذا العزوف منهم ليس معروفاً من سيملأه وكيف، ولا النتائج المحتملة لهذا العزوف، التي ستكون كبيرة بلا شكّ، لكنه على الأقل سيعبر في المرحلة المقبلة عن خلل في تركيبة السلطة اللبنانية المستند إلى خلل في النظام السّياسي ككل.


Related Posts


   

Post Author: SafirAlChamal