كباش برّي ـ باسيل يقرّر مصير الإنتخابات النيابية… عبد الكافي الصمد

منذ انتخابه قبل نحو 5 سنوات، في 31 تشرين الأول 2016، رئيساً للجمهورية، شابت علاقة العماد ميشال عون مع بقية الشّخصيات والقوى السّياسية علاقات كانت تتحسن في بعض الأحيان وتتدهور في أحيان أخرى، حسب التفاهم أو الإختلاف معهم على العديد من الملفات السّياسية، لعل أبرزها علاقة عون، وفريقه السّياسي المتمثل بصهره رئيس التيار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل، مع كلّ من رئيس تيار المستقبل سعد الحريري، رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط ورئيس تيّار المردة سليمان فرنجية.

وحده رئيس مجلس النوّاب ورئيس حركة أمل نبيه برّي بقيت علاقة عون به، ومعه باسيل وبقية تيّارهما البرتقالي، ترواح مكانها من التأزّم، المضمر حيناً والمعلن أحياناً أخرى، وجعل العلاقة بين الرئاستين الأولى والثانية في حالة من التوتر والتباعد وعدم التنسيق أوالتقاطع، وصولاً إلى التراشق السّياسي والإعلامي كما لم تكن من قبل.

من راقب علاقة الطرفين طيلة السّنوات الخمس الماضية يلمس أنّها كانت تتدهور عند أي استحقاق، سياسي أو حكومي أو نيابي، أو عند طرح العديد من الملفات الحسّاسة أو الشّائكة التي تعني الجانبين، مباشرة أو بشكل غير مباشر، وصولاً إلى رمي كلّ طرف الآخر بأبشع النّعوت والتهم والألفاظ، وتسهم في رفع منسوب التوتّر في شارعي التيّار أو الحركة على حدّ سواء.

مؤخّرا عاد هذا التوتّر إلى العلن، ولم يعد خافياً بأن اقتراب إستحقاق الإنتخابات النيابية المقبلة من موعده، في ربيع العام 2022، هو أحد الأسباب التي تقف وراء هذا التوتّر والتصعيد الخطيرين؛ إذ يحاول كلّ منهما من خلال المواقف المتشنّجة التي يطلقها تجاه الآخر شدّ عصب جمهوره، وزيادة إحتقانه، وهو أسلوب إعتاد اللبنانيون على اعتماد السّياسيين عليه، إنطلاقاً من أنّ استخدام كلّ الوسائل للوصول إلى الهدف مباحة، حتى لو اقتربت من المحظور.

يوم أمس أعطى الطرفان نموذجاً عن هذا التصعيد والتوتر في علاقتهما. فعضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر ما كاد يشير في تصريح له إلى أنّ “الوزراء الذين تعاقبوا على وزراة الطاقة والمياه قد نهبوا أموال الوزارة”، حتى ردّ عليه عضو تكتل لبنان القوي النائب سيزار ابي خليل، وهو وزير سابق لوزارة الطاقة والمياه، قائلاً: “مش كلّ الوزراء متل وزراءكم”.

ويوم أمس أيضاً، أكّد عضو كتلة التنمية والتحرير النائب أنور الخليل، بأنّ الرئيس برّي “مصرّ بالذهاب بالقانون الجديد للإنتخابات الذي اقترحته كتلته، والذي يعتمد لبنان دائرة إنتخابية واحدة على قاعدة النسبية، إلى أبعد مدى، وأنّه إذا لم يقرّ ستسعى الكتلة لإجراء تعديلات أساسية على القانون الحالي”، مشيراً إلى أنّنا “سنعمل بكلّ جهد إلى تغيير قانون الإنتخابات​ الحالي الذي يتمسك به بعض الاطراف، لأنّه يضمن عودتهم شخصياً إلى البرلمان”، في إشارة ليست خافية أنّها تعني باسيل دون سواه.

وليس خافياً أنّ اقتراح برّي باعتماد لبنان دائرة إنتخابية واحدة غير مقبول من عون وباسيل وقوى مسيحية أخرى، لأنّه سيسهم في تحجيمهم، وأنّ دعوة برّي لإدخال بعض التعديلات على القانون الحالي يهدف أيضاً إلى حشر عون وباسيل وتيّارهما البرتقالي، وهو “كباش” بدأت أوساط سياسية داخلية عدّة تتخوّف من أن يؤدّي، في حال عدم تفاهم الطرفين، إلى تطيير الإنتخابات النيابية، وتأجيل إجرائها إلى موعد لاحق، وتمديد ولاية المجلس الحالي، برغم الضغوطات الخارجية التي تمارس لإجرائها في موعدها.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal