قطار الإنتخابات إنطلق: هذه ملامح دوائر الشّمال الثلاث!… عبد الكافي الصمد

توضح كلّ المواقف والمعطيات التي برزت خلال الأيّام القليلة الماضية أنّ الإنتخابات النّيابية المقبلة قد وُضعت على نار حامية، وأنّ الإستعدادات والتحضيرات والتدابير الإدارية واللوجستية المتعلقة بها قائمة على قدم وساق، وأنّ العدّ التنازلي لإجراء هذه الإنتخابات قد بدأ فعلياً، والمرجّح أن يكون في 27 آذار من العام المقبل، مثلما صرّح  رئيس الحكومة نجيب ميقاتي مؤخّراً، وليس يوم 8 أيّار كما حدّد مبدئياً وزير الداخلية والبلديات السّابق محمد فهمي، بسبب تزامن شهر أيّار مع شهر رمضان وعيد الفطر عند الطوائف الإسلامية، وشهر الصوم وعيد الفصح عند الطوائف المسيحية التي تتبع التقويم الشّرقي والغربي، فكان تقديم موعد الإنتخابات خياراً منطقياً.

ويمكن القول إنّ الأحزاب والتيّارات والقوى والشّخصيات السّياسية قد بدأت بـ”تزييت” ماكيناتها منذ الآن، إيذاناً بانطلاق العملية الإنتخابية التي يُنتظر أن تكون حامية، نظراً لانعكاس تداعيات الحراك الشّعبي الذي بدأ قبل عامين، في 17 تشرين الأول 2019، وتداعيات الأزمة الإقتصادية الخانقة في ضوء إنهيار سعر صرف الليرة اللبنانية على مجمل الوضع اللبناني بكلّ تشعباته.

ومع أنّ المشهد الإنتخابي المقبل لم يتبلور بعد بانتظار الأيّام المقبلة، فإنّ ملامح هذا المشهد في دوائر الشّمال الثلاث تستدعي التوقف عندها، نظراً لما يتوقع أن يطرأ عليها من تغييرات وتطوّرات، برغم أنّ الإنتخابات ستجري وفق قانون الإنتخابات الحالي القائم على النسبية والصوت التفضيلي.

أبرز هذه التغييرات والتطوّرات يمكن تلخيصها بالنّقاط التالية:

أولاً: يعاني تيّار المستقبل من صعوبات جمّة على الأرض بين قاعدته الشّعبية، منها ما يتعلق بتراجع خدماته، ومنها له صلة بالأداء السّياسي للتيّار الأزرق وزعيمه الرئيس سعد الحريري، بعد فشله في تشكيل الحكومة واعتذاره عن هذه المهمّة. إذ تشير أغلب إستطلاعات الرأي إلى أنّ عدد نوّاب تيّار المستقبل سيتراجع عن 9 نوّاب فاز بهم في دورة الإنتخابات الماضية، من أصل 28 نائبا موزّعين على دوائر الشّمال الثلاث، إلى ما بين 6 إلى 7 نوّاب على الأكثر، لمصلحة خصومه وشخصيات مستقلة.

ثانياً: أبقى الرئيس ميقاتي أوراقه الإنتخابية مخبّأة ولم يرد الكشف عنها، كإجراء تكتيكي، بعدما أعلن الأسبوع الماضي أنّه سوف يعلن قبل ساعات من موعد إقفال باب الترشّح للإنتخابات النيابية موقفه بالترشّح من عدمه، علماً أنّ الماكينة الإنتخابية لتيار العزم بدأت في الإستعدادات اللوجستية للإستحقاق الإنتخابي المقبل.

ثالثاً: تشير أغلب إستطلاعات الرأي إلى أنّ التيّار الوطني الحرّ والقوّات اللبنانية لن يفوزا بعدد النوّاب ذاته الذي فازا به في دورة الإنتخابات الماضية، لأنّهما سيخوضان هذه الإنتخابات بلا أيّ حليف لهما، سواء إسلامي أو مسيحي، وأنّ أصوات النّاخبين السنّة التي أوعز الحريري لمناصريه في الوسط السنّي للإقتراع لهما لن يتكرر هذه المرة، بعد الإفتراق السياسي بينهم، ما سيعني أنّ النوّاب الخمسة الذين فاز بهم التيّار البرتقالي وحلفاؤه، والنوّاب الأربعة الذين فازت بهم القوات اللبنانية سيتناقص عددهم بشكل طبيعي.

رابعاً: إذا كان تراجع تيّار المستقبل في الشّارع السنّي في دوائر الشّمال الثلاث سيصبّ لمصلحة خصومه ومستقلين، فإنّ تراجع التيّار الوطني الحرّ والقوّات اللبنانية سيصبّ لمصلحة خصومهما، وعلى رأسهم تيّار المردة، الذي يبدو انّه سيكون أكثر المستفيدين من حجب اصوات النّاخبين السنّة عنهما، واستمالته لهم، فضلاً عن تعزيز وضعه في الشّارع المسيحي، إضافة إلى مستقلين، وسط توقعات تشير إليها أغلب إستطلاعات الراي بأنّ عدد نوّاب تيّار المردة وحلفاؤه في دوائر الشّمال الثلاث سيرتفع من 4 إلى ما بين 7 ـ 8 نوّاب على أقل تقدير.


Related Posts


 

Post Author: SafirAlChamal