الحكومة تحتاج إلى صدمة إيجابية اليوم قبل الغد… عبد الكافي الصمد

عندما وُلدت حكومة الرئيس نجيب ميقاتي في 10 أيلول الماضي، كان سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الليرة اللبنانية يبلغ أقل بقليل من 19 ألف ليرة، قبل هبوطه في السّاعات والأيّام التالية إلى حدود 14 ألف ليرة، ما أحدث صدمة إيجابية في البلاد في أن يُسهم هذا الإنخفاض في بدء تعافي الإقتصاد الوطني، وتخفيف الأزمة المعيشية الخانقة عن كاهل اللبنانيين.

لكنّ هذه الصدمة الإيجابية لم تُعمّر كثيراً، إذ سرعان ما عاد سعر صرف الدولار إلى الإرتفاع من جديد، ليُقفل بعد شهر على ولادة الحكومة الجديدة على أكثر من 19 ألف ليرة، ما جعل الآمال تتبدد، وتحوم شكوك ومخاوف حول مستقبل الأوضاع المعيشية والإقتصادية والمالية.

أكثر من سؤال طُرح حول التقلبات الحادة في سعر صرف الدولار أمام الليرة، من غير أن تجد أجوبة شافية عليها. فعندما تشكلت الحكومة تراجع سعر صرف الدولار إلى 14 ألف ليرة، من غير أن يحصل أيّ تحسن جدّي في الإقتصاد الوطني، ما فُسّر حينها بأنّ هذا التراجع هو معنوي أكثر منه حقيقي، وبأنّه متعلق بتأليف الحكومة. غير أنّ الدولار عاود الإرتفاع مجدّداً، واستعاد في شهر أكثر ممّا خسره، مع أنه يفترض أن تسهم هذه الصدمة الإيجابية المتمثلة بتأليف الحكومة في بقائه مكانه على الأقل.

لكن سرعان ما تبين أنّ المضاربات على الليرة اللبنانية هي المتسبّب الرئيسي في ما حصل، وأنّ “لاعبين” كبار في أسواق المال والمصارف والصيرفة متورّطة في الأمر، ما يحتّم على الحكومة التدخّل سريعاً لوضع حدّ له، نظراً لانعكاسه السلبي بشكل واسع على مجمل نواحي الحياة وأنماط المعيشة والعمل في لبنان.

وزاد الطين بلّة الإرتفاع المضطرد في أسعار المحروقات، وتحديداً في سعر صفيحة البنزين، التي ارتفع سعرها من 130 ألفا ليرة في 8 أيلول الماضي، إلى 241 ألف ليرة في 8 تشرين الأول الجاري، أيّ أنّ سعر صفيحة البنزين زاد سعرها بنسبة 46 في المئة خلال شهر واحد، ما جعل بدل النقل وجميع أسعار السلع ترتفع بشكل أرخى بثقله على كاهل المواطنين وزاد من حجم الأعباء عليهم، خصوصاً الفقراء وأصحاب الدخل المحدود الذين باتوا يشكلون ما لا يقل عن 70 في المئة من نسبة الشعب اللبناني.

هذه الأوضاع غير المستقرّة وغير المقبولة تفرض على الحكومة أن تعالجها على جناح السرعة، وأن تجد الحلول الناجعة لها، سواء مؤقتاً أو دائماً، لأنّ ما يحصل أنّ الأزمات تتوالد بشكل سريع، من أزمات الكهرباء، إشتراكات المولدات الخاصة، نفاد المازوت، إرتفاع السلع الأساسية أضعافاً وبلا أيّ ضوابط، الفلتان الأمني والإشكالات اليومية المتكرّرة، توقّف دورة الإنتاج في العديد من القطاعات عن العمل نتيجة إرتفاع أسعار المحروقات والمواد الأولية المستوردة، واستنكاف الموظفين والعمّال عن المجيء إلى أشغالهم، والبطالة والهجرة، وغيرها من الأزمات التي جعلت أغلب المواطنين بالكاد يستطيعون تأمين قوت يومهم.

كلّ ذلك يضغط على الحكومة لتبادر إلى القيام بخطوات ذات فعالية ملموسة، وإحداث صدمة إيجابية شبيهة بالصدمة التي أحدثتها يوم تأليفها.

 

 


Related Posts


   

 

  

 

   

Post Author: SafirAlChamal