ماذا تنتظر الدولة اللبنانية للتواصل مع سوريا؟… عبد الكافي الصمد

قبل نحو 3 أسابيع، وتحديداً في 6 آب الجاري، تلقى وزير الصحّة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن رسالة من نظيره السّوري حسن محمد الغبّاش، يبدي فيها جهوزية بلاده لـ”إمداد لبنان باحتياجاته من الأصناف الدوائية التي يتم إنتاجها في سوريا”، وأوضح الوزير السّوري في الرسالة أنّ ذلك يأتي “في ضوء حاجة لبنان إلى العديد من الأصناف الدوائية والمستلزمات الطبية، في وقت أنّ الدواء السّوري يتمتع بميزة نسبية على مستوى الجودة والسّعر”.

ردّ وزير الصحّة اللبناني على مبادرة نظيره السّوري جاء ديبلوماسياً، إذ أوضح أنّ “استيراد أيّ دواء يسلك المسار الإداري والتقني، وفق المعايير والقوانين المرعية الإجراء”، بعدما كان حسن قد أجرى إتصالات مع الأمين العام للمجلس الأعلى اللبناني السّوري نصري خوري، من ضمن سلسلة من الإتصالات والزيارات الخارجية لحلحلة أزمة الدواء.

بعد ذلك بأسبوع، وتحديداً في 18 آب الجاري، زار وفد من السّفارة السّورية في لبنان مصابين بانفجار خزّان الوقود في بلدة التليل في عكار، بينهم سوريون، بعد ثلاثة أيّام من وقوع الإنفجار، وعرض المساعدة من خلال تأمين المازوت والأدوية والمستلزمات الطبّية لمعالجة المصابين في أحد المستشفيات. وأوضح الوفد أنّ أيّ مصاب بحاجة إلى العلاج في مستشفيات سوريا، سيتم نقله بأسرع وقت ممكن.

هاتان المبادرتان السّوريتان تلقفتهما الدولة اللبنانية ببرودة وتجاهل تام، برغم حاجتها الماسّة إلى أيّ مساعدة خارجية تأتيها في ظلّ الظروف الصعبة التي يعيشها اللبنانيون، وبرغم إتصالات وزيارات قام بها وزراء ومسؤولون لبنانيون إلى الخارج من أجل هذه الغاية، واستقبال لبنان وفوداً طبية عربية وأجنبية نقلت بعض جرحى إنفجار التليل إلى خارج البلاد للعلاج، وتوفّي بعضهم هناك لأنّ إصاباتهم كانت حرجة.

قبل اندلاع الأزمة الإقتصادية الأخيرة وانهيار العملة اللبنانية تدريجياً، وبشكل غير مسبوق منذ نحو سنتين، كانت سوريا ملجأ شرائح واسعة من اللبنانيين كانوا يذهبون إليها لشراء أدوية، أو للعلاج في مستشفياتها، نظراً لرخصها مقارنة بأسعار الأدوية وتكلفة العلاج في لبنان، إلى أن تسبّبت أزمة فيروس كورونا وتفشّيه في تراجع أعداد اللبنانيين الذاهبين إلى سوريا لهذه الغاية، فجاءت المبادرة السّورية لتعويض النقص الحاصل، إلا أنّ الدولة اللبنانية تجاهلتها برغم حاجتها الماسّة إلى أيّ مساعدة تصلها هذه الأيّام.

ومع أنّه لم يصدر أيّ تفسير رسمي لبناني لهذا التجاهل تجاه المبادرة السّورية، فإنّه ليس خافياً أنّ الدولة اللبنانية تخشى فتح قنوات التواصل والحوار والتعاون مع الحكومة السّورية بسبب ضغوطات عربية وغربية تمارس عليها، ما جعلها تقف مكتوفة الأيدي، وعاجزة عن معالجة أي أزمة بين البلدين.

هذا التجاهل الرسمي اللبناني طرح أسئلة عدّة، من أبرزها: إذا كانت دولة تحتاج هذه الأيّام إلى علبة دواء وقنينة مصل والحدّ الأدنى من المستلزمات الطبّية، لا تردّ إيجاباً ولا سلباً على مبادرة لمساعدتها من قبل دولة جارة لها، تربطها معها مصالح وعلاقات عميقة وواسعة ومهمة وروابط التاريخ والجغرافيا، فكيف ستعالج الدولة اللبنانية مع الحكومة السّورية ملفات النّازحين والحدود والتهريب وغيرها، وكيف يمكن إستجرار الطاقة الكهربائية إلى لبنان من الأردن عبر سوريا، كما اقترحت مؤخّراً السّفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، إذا كانت الحكومة اللبنانية لا تقوم بأيّ مبادرة في هذا السياق، وماذا ينتظر لبنان الرسمي للتواصل مع سوريا لمعالجة ملفات كثيرة، في حين أنّ دولاً وحكومات عديدة كانت على عداء مع الحكومة السّورية بدأت بالإنفتاح عليها؟..


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal