فعلت باخرة النفط الإيرانية المرتقب وصولها إلى لبنان في غضون أيّام فعلها، وفق ما أعلن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، وأظهرت المواقف حيالها إنقلاباً لم يكن متوقعا، لا داخلياً ولا خارجياً، ونزعت الأقنعة عن كثير من الوجوه والمواقف المزيفة.
فقد كشفت باخرة النّفط الإيرانية المنتظرة أنّ أزمة المحروقات كانت مفتعلة، وأنّه كان يمكن حلّها وتخفيف الضغوط عن اللبنانيين بسهولة، لكن قراراً خارجياً معيناً إنضوى تحته أطراف داخليون عديدون أدّى إلى استفحال الأزمة، من أجل ممارسة ضغوط سياسية على حزب الله، لم تؤدِ المطلوب منها، وباءت بالفشل.
أول الأقنعة المزيفة التي سقطت كان الموقف الذي أعلنته السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا، يوم أمس، التي أشارت إلى أنّ “لبنان لا يحتاج إلى أيّ ناقلات إيرانية”، لافتةً إلى “مجموعة كاملة من الناقلات قبالة سواحل البلاد في انتظار تفريغ حمولتها”، إضافة إلى إبلاغها رئيس الجمهورية ميشال عون بأنّ إدارتها “تجري محادثات مع البنك الدولي لمساعدة لبنان باستجرار الطاقة الكهربائية من الأردن عبر سوريا، عن طريق توفير كميّات من الغاز المصري إلى الأردن، تمكّنه من إنتاج كميّات إضافيّة من الكهرباء لوضعها على الشبكة التي تربط الأردن بلبنان عبر سوريا”، ومشيرة إلى أنّ “كلّ ذلك سيحدث بسهولة إلى حدّ ما” في إشارة منها إذا ما كان قانون قيصر لمحاصرة سوريا سيسري على استجرار الكهرباء عبر أراضيها.
هذا الحرص على مصالح لبنان واستقراره وتخفيف المعاناة عن كاهل اللبنانيين لم يكن معروفاً ولم تلمس آثاره من قبل سفيرة العم سام في بيروت ولا إدراتها منذ بداية الأزمة الأخيرة في لبنان قبل نحو سنتين، بل بقوا يتفرجون على انهيار لبنان وانزلاقه نحو هوة عميقة، ولم يعملوا لا هم ولاحلفاؤهم في لبنان والمنطقة على مدّ يد العون لبلد ينهار فيه كلّ شيء تدريجباً، وضع حدّ لمعاناة إستفحلت إلى حدود غير مسبوقة، ولم يتحرّكوا أو يبادروا إلا بعد أن أعلن نصر الله عن قرب وصول باخرة النفط الإيرانية، ما جعلهم يشعرون أنّ مصالحهم باتت مهدّدة، ونفوذهم معرض للإنحسار، وأنّ الحصار القسري الذي فُرض على لبنان لغايات سياسية دنيئة، واحتكار قطاعات أساسية من قبل واشنطن وحلفائها في لبنان في طريقه للتصدّع والإنهيار، بعدما تبيّن أن بدائل إنقاذ البلد ودعمه إقتصادياً متوافرة.
هذا التطوّر شكّل دافعاً لطرح أسئلة عدّة، أبرزها: لماذا لم تعمل الإدارة الأميركية على الدفع لاستجرار الكهرباء من الأردن وتوفير الغاز المصري للبنان من قبل؟، ولماذا لم تفرغ ناقلات النفط الراسية في البحر حمولتها لتخفيف الأزمة؟، وهل بعد تصريح السفيرة الأميركية سيوقع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة على معاملات تفريغ الناقلات في المصافي اللبنانية؟، ليتبين أنّ الأزمة كانت تحتاج فقط إلى قرار أميركي كان معلقاً، ولما لم يقم رافضو الباخرة الإيرانية باتصالات لاستجلاب النفط من حلفائهم في دول الخليج وغيرها لإنهاء الأزمة؟
إنقلاب المواقف من الباخرة الإيرانية لم يقتصر على الخارج، فهذا عضو كتلة القوات اللبنانية سيزار معلوف أبدى ترحيبه بها “إذا كانت ستحل مشكلة الشعب اللبناني”، وفق قوله، معتبراً أنّ “إيران ليست عدوّا، والدليل أنّه لدينا سفير إيراني في لبنان، وعدوّنا الوحيد هو إسرائيل”، ومتسائلاً عن “أصدقاء لبنان من أميركا إلى الدول العربية وأين هم من مساندة الشعب اللبناني في هذه الظروف؟”.
فوائد باخرة النفط الإيرانية بدأت بالظهور قبل وصولها إلى لبنان، فكيف سيكون الحال عند رسوها وتفريغ حمولتها؟
مواضيع ذات صلة: