وفد من اليونيسف في بلدية طرابلس

نظمت بلدية طرابلس، بالتعاون مع اليونيسف، لقاء في مركز رشيد كرامي الثقافي البلدي- نوفل، شارك فيه الى رئيس البلدية الدكتور رياض يمق، نائب المديرة التنفيذية في العالم في اليونيسف الدكتور عمر عبدي والمدير الإقليمي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا تيد شيبان اللذان يقومان بزيارة رسمية وإستطلاعية إلى لبنان، لمناسبة ذكرى تفجير مرفأ بيروت في 4 آب، حيث خصا مدينة طرابلس بزيارة للاطلاع عن كثب على الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية فيها.
كما حضر اللقاء ممثلة اليونيسف في لبنان يوكي موكو مع مسؤولين في برامج اليونيسف في مكتبي بيروت وطرابلس، رئيسة اللجنة الإجتماعية وذوي الإعاقة في المجلس البلدي رشا سنكري، ممثلو جمعيات تعمل في طرابلس منذ سنوات وبرامجها تطال عددا كبيرا من المستفيدين والمستفيدات في المدينة وهي سنابل النور، أجيالنا، المنتدى لحقوق الاشخاص ذوي الاعاقة ورواد التنمية.
بداية كلمة لسنكري، رحبت فيها بالوفد وعرفت بمقومات المدينة التي تجعلها في “مصاف المدن المزدهرة إن تم العمل على إستثمار هذه المقومات والإستفادة منها”، مؤكدة أن “طرابلس تعتبر متحفا بغنى آثارها وتنوعها الحضاري”.
وأشارت إلى أن “عائلات وأطفال المدينة مأسورون بوضع إجتماعي وإقتصادي وصحي وتربوي سيىء جدا”، معددة المشاكل التي يعاني منها أطفال المدينة، “إذ إرتفعت وتيرة تسرب الطلاب من المدارس وتوجههم إلى العمل، ظهر ذلك في بحث ميداني أجرته منذ أيام عدة كلية الصحة في الجامعة اللبنانية، إذ تبين أن 225 طفلا يعمل حاليا بمختلف الأعمال: النجارة، محل سناك، ميكانيك، تصليح تلفونات، سوق للثياب، حدادة، بيع أكسسورات، كهرباء، دهان سيارات”.
وأشارت إلى أن “الوضع الإقتصادي دفع بأطفالنا في المناطق المهمشة إلى حرق الدواليب وقطع الطرقات”، موضحة أن “المدينة بحاجة للأمان، ففي إحصاء صدر عن شهر تموز الفائت يؤكد أنه وقع 170 حالة إطلاق نار في المدينة، فالسلاح المتفلت يقتل الأطفال في لبنان وآخره إبنة ال 6 سنوات التي قضت في منيارة بإطلاق نار في حفل فرح، كما أن أطفالنا في المدينة يعانون من تلوث في البيئة متنشقين السموم المنبعثة من الحرق المستمر للكاوتشوك في محيط المدينة بهدف إستخراج النحاس، والأطفال ذوو الإعاقة لا ينالون حقوقهم البديهية، إن كان بالصحة أو التعليم أو الترفيه أو النقل”.
وشددت على “أهمية التعاون بين بلدية طرابلس واليونيسف”، معددة “المشاريع التي تنفذ لصالح حماية الطفل في طرابلس، وذلك إنطلاقا من مذكرة التفاهم المعقودة بين الطرفين في شباط 2020”.
وختمت سنكري متمنية على المنظمة “العمل على توفير أجهزة Tablets كمبيوتر لوحية لحوالى 26 ألف طالب وطالبة في المدارس الرسمية في طرابلس لإنقاذ المستوى التعليمي في تلك المدارس، إذ نسبة حضور صفوف التعلم عن بعد أقل من 50 في المئة لأسباب منها عدم توافر أجهزة لديهم تمكنهم من متابعة دروسهم وهذه النسبة تعتبر مؤشرا خطيرا”.
ثم ألقى الدكتور عبدي، كلمة شكر فيها لبلدية طرابلس والحضور فرصة اللقاء بهم والإستماع إليهم، بخاصة أنه من المهم جدا وجود الجمعيات المحلية التي تعكس الواقع الذي يعيشه المواطنون، وهم أفضل مرجع لإظهار الواقع الحقيقي الذي تعانيه المدينة، ونأسف لزيادة الأوضاع سوءا مما يؤثر سلبا على المواطنين ويزيدهم فقرا”.
أضاف: “يجب البناء على مقومات المدينة التي ذكرتها السيدة سنكري في كلمتها، كما أن اليونيسف جاهزة للمساعدة والتعاون مع المجتمع المحلي لتخطي هذه الأزمة”.
وكانت كلمة ليمق، قال فيها: “يأتي هذا اللقاء في خضم أزمة خانقة تواجه طرابلس وكل لبنان، لكن وقعها وتداعياتها الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية صعبة جدا في طرابلس، لاسيما وان المدينة تشكل حزام بؤس لآلاف العائلات الفقيرة والمتعففة من مختلف المناطق منذ القدم، ولهذا أطلق عليها اسم أم الفقير، الأزمة كبيرة وكبيرة جدا وتحتاج الى جملة متطلبات لتتمكن المدينة من تخطيها، وللأسف في ظل المعطيات هناك الكثير من هذه المتطلبات لا يمكن توفيرها بسبب تلاشي ادارات الدولة والإنهيار الكبير في سعر صرف الليرة مقابل الدولار وشلل مختلف القطاعات، إضافة الى تقيدنا كبلدية مركزيا بسبب آلية الحد من انتشار فيروس كورونا”.
أضاف: “إننا في بلدية طرابلس، نقوم بتلبية حاجات المواطنين قبل الحد من صلاحياتنا بحسب القرار 32، وقبل الإرتفاع الجنوني للدولار، حيث تحول الوضع الى مأساة ونواجه صعوبة في إنجاز المشاريع التي تعتبر حاليا شبه متوقفة بعد إرتفاع سعر صرف الدولار، ويتم حاليا التعامل مع الحالات الطارئة من خلال التشاور مع قيادات طرابلس الروحية والأهلية، وتعمل بلدية طرابلس على إيجاد رؤية مستدامة تلبي حاجات وتطلعات مواطنيها المستقبلية. ولا يخفى على احد ان مجلس بلدية طرابلس إتخذ قرارا في ظل الظروف الصحية الصعبة بتخصيص مبلغ 3 مليارات ليرة لتوزيع بونات حصص غذائية ل40 ألف عائلة في طرابلس، كما وتم إنشاء المستشفى الميداني القطري الذي شارف على الانتهاء بمساعدة الجيش، وكذلك تتعاون البلدية مع المنظمات الدولية والمحلية لإنجاح عملها في توزيع حصص غذائية وأدوات تعقيمية. وكذلك تعاوننا مع اليونيسف إستجابة للحد من إنتشار الكورونا بحملة توعية حول التدابير الإحترازية وتوزيع ما يقارب 35 ألف كمامة قابلة للإستعمال المتكرر على المناطق الداخلية الأكثر فقرا، وتم وضع مغاسل في الأماكن المكتظة لنظافة اليدين، والتعاون مستمر في ما بيننا وتم توطيد هذا التعاون بتوقيع مذكرة تفاهم في شباط، من العام 2020”.
وأكد أن “بلدية طرابلس تعمل على أن تكون الفيحاء من المدن الصديقة للطفل، ولكن للأسف الأولويات قد تغيرت بعض الشيء بعد إنطلاق ثورة 17 تشرين، والوضع الإقتصادي الصعب الذي يعيشه لبنان، وألفت إنتباهكم إلى ان بلدية طرابلس هي ثاني أكبر بلدية في لبنان، وقبل الثورة كان نصف سكانها من الفقراء، وتشير التقديرات الحالية إلى أن 60 الى 70 في المئة من سكانها أصبح تحت خط الفقر، فيما عدد سكانها نحو مليون نسمة، وحاليا يواجه العمل البلدي في المدينة، العديد من التحديات، والإمكانيات قد تغيرت، إذ الموارد أصبحت قليلة والبلدية تركز على الصحة والشباب والرياضة والمساحات الخضراء، ومحاولة المساعدة في تأمين مستلزمات المواطنين من ماء وكهرباء وغذاء ودواء عبر رفع الصوت والمتابعة مع المعنيين لتأمين حصة المدينة من أساسيات العيش بكرامة”.
بعد ذلك، تم الإستماع إلى ممثلي الجمعيات المشاركة، فتحدثت رئيسة جمعية “سنابل النور” رضى صيادي دسوقي عن “مشكلة التعلم عن بعد وعن فشل هذه التجربة فشلا ذريعا خاصة لدى التلامذة غير الميسورين. فالضائقة المالية لم تسمح لأولياء أمورهم بتأمين وسائل التعلم عن بعد لأولادهم، فالطلاب لم تتوفر لديهم أجهزة tablets وإذا توفر جهاز واحد في البيت فهو لا يسعف بقية الأخوة، بالإضافة إلى ذلك إنقطاع الكهرباء بشكل مستمر وطبعا حاليا بسبب أزمة المازوت، فكهرباء إشتراكات المولدات مقننة أيضا. بالإضافة إلى أن الطاقم التعليمي لم يكن مهيئا لتقنية التعليم online”.
وقالت: “إن هذه الأسباب مجتمعة أدت إلى خسارة كبيرة في المكتسبات التعلمية لدى شريحة كبيرة من التلامذة. فخسارة سنتين متتاليتين تعرض جيلا كاملا إما للتسرب المدرسي أو لعمل الأطفال أو للزواج المبكر لدى الفتيات أو الإنحراف لدى المراهقين. الحل يكمن بتحويل المدارس الرسمية إلى مراكز دعم لإعطاء برامج تعليمية مكثفة عن السنتين الدراسيتين الماضيتين مما يخول التلامذة إكتساب أساس المواد الدراسية للمضي في عملية التعلم السليم”.
وتحدثت صيادي عن “الجوع لدى العائلات في هذه الفترة العصيبة التي يمر بها البلد والحل بالدعم على كافة المستويات لحفظ الأمن الغذائي وحماية الأطفال من نقص في الغذاء”.
ثم أطلعت جمعية “رواد التنمية” الممثلة بالمديرة سارة الشريف والمسؤولة عن قسم تنمية الطفل في الجمعية ريم الحاج علي، الحضور على “هشاشة وضع الطفل بكل تفاصيل بيئته (ecosystem) والأمن الإجتماعي لدى الشباب والشابات”. فتحدثتا عن “الوضع الراهن الذي تعمل من خلاله الجمعية حيث تفاقمت المشكلات التي كانت تعاني منها الأحياء الأكثر هشاشة، بدءا من الفقر والصعوبات المادية، وصولا إلى إنعدام الأمن الغذائي، مرورا بالتسرب المدرسي ووضع المدارس الرسمية. كل تلك المشكلات إزدادت تعقيدا في ظل الأزمة الراهنة، ونشأت صعوبات جديدة مرتبطة بالأزمة الإقتصادية والصحية، منها ضرورة اللجوء للتعلم عن بعد. كل تلك الصعوبات إزدادت ضغطا على ما يعاني منه الأهل والمعلمون والأطفال، مما أدى الى تغيير الأولويات، حيث بات تأمين الحاجات الأساسية كالغذاء والصحة أكثر إلحاحا من التعليم. وهذا ينطبق أيضا على الشباب، حيث هناك اليوم أعداد أكبر من الشباب الذين يعلقون أو يتركون التعليم الجامعي للالتحاق بسوق العمل لضرورة تأمين الدخل. كما أن الشباب يعانون من إنعدام التحفيزات لمتابعة دراستهم، في ظل عدم توافر فرص عمل في المدينة”.
وأكدت الشريف والحاج علي أن “فرص العمل هي الحلقة الناقصة التي يجب إيجادها لتحقيق أهداف التنمية المرجوة”. وطرحتا عدة مبادرات، منها إنشاء نظام الإحالة، تأمين وجبات غذاء صحية، تأمين فحوصات طبية جيدة في المدارس، التركيز على حماية الطفل، وغيرها من المبادرات التي يمكن البحث فيها في مرحلة لاحقة، مع التأكيد على ضرورة التنسيق بين جمعيات المجتمع المدني وتوحيد الجهود ضمن خطة إستراتيجية واضحة وبعيدة المدى للمدينة، يتم من خلالها توظيف طاقات وخبرات كل جمعية بالطريقة الأنسب لتحقيق أفضل نتيجة بموارد محدودة.
وتحدثت مسؤولة البرامج في “أجيالنا” في طرابلس رولا الجندي عن الوضع الصحي ومعاناة الأطفال صحيا، وركزت على النقاط التالية: عدم توافر الأدوية وخصوصا للأمراض المزمنة، مع غياب الكهرباء فسلامة اللقاحات مهددة، إرتفاع الفاتورة الصحية على الفقير، أزمة المستشفيات حيث الأدوية والمستلزمات الطبية تطلب من المريض قبل الدخول للعلاج أو لإجراء عملية جراحية، فقدان الحليب والأدوية الخاصة بالأطفال المرضى بأمراض سرطانية، مؤكدة أن “الأهل في هذه الفترة العصيبة غيروا أولوياتهم بالنسبة لعلاج الأطفال والإهتمام بهم صحيا وهذا سيؤدي إلى تفاقم حالتهم الصحية مستقبلا”.
وفي الختام، تحدثت مسؤولة الرصد والتقييم في المنتدى لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة ريم إسماعيل، عن “الطفل ذي الإعاقة ومعاناته على الصعيد الصحي، التعليمي، الإجتماعي، العائلي والنقص في المعينات التي يحتاجها وعدم توفرها حاليا بسبب الأزمة وبسبب غياب الوزارات المعنية (الشؤون الاجتماعية، الصحة والتربية) ما يعيق عيش الطفل ذي الإعاقة حياته كباقي أقرانه”.
وختمت إسماعيل مقترحة بعض الحلول لمواجهة الأزمة وأبرزها:
تقديم الدعم النفسي للعائلة والطفل، تأهيل المدارس ووسائل النقل لتكون أكثر ولوجا للأطفال ذوي الإعاقة، وغيرها من الإقتراحات التي تساهم بتحسين حياة الطفل وتسمح له بعيش حياة كريمة على قدم مساواة مع بقية الأطفال:
دعم تقديم حزمة الحماية الاجتماعية الوطنية للأشخاص ذوي الإعاقة في لبنان.
دعم المشاريع التي تعمل على جعل المدارس مؤهلة لأنواع مختلفة من الإعاقات.
دعم برامج التدريب لموظفي المدارس والمعلمين حول كيفية التعامل مع إحتياجات الطلاب ذوي الإعاقة بما في ذلك أولئك الذين يعانون من صعوبات في التعلم.
دعم المشاريع التي تقدم الأجهزة المساعدة ومستلزمات الرعاية الذاتية للأشخاص ذوي الإعاقة.
دعم المشاريع التي توفر الأجهزة التعليمية المساعدة للأشخاص ذوي الإعاقة مثل أجهزة الكمبيوتر المحمولة والأجهزة اللوحية ومجموعات الأدوات الثابتة.
دعم المشاريع التي توفر وسائل نقل يمكن الوصول إليها للأطفال ذوي الإعاقة وأقرانهم للوصول إلى مدارسهم”.
وختم اللقاء بنقاش بين الحضور.


مواضيع ذات صلة:

Post Author: SafirAlChamal