تشهد العلاقات بين دول عربية مؤثّرة في لبنان، وعلى رأسها سوريا والسّعودية، تطوّرات لافتة في العلاقات بينهما في الآونة الأخيرة، تحديداً خلال شهر أيار الجاري، بشكل أعاد إلى الأذهان تفاهم البلدين حول ملفات كثيرة في المنطقة، من بينها الملف اللبناني عام 2008، تحت صيغة التفاهم الشهيرة “سين. سين”، التي أطلقها حينذاك رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي.
مسلسل الإنفراج المتسارع في العلاقات بين دمشق والرياض بدأ في 3 أيّار الجاري، عندما زار وفد سعودي دمشق يرأسه رئيس المخابرات السعودي خالد الحميدان، ولقائه بالرئيس السّوري بشّار الأسد ومدير مكتب الأمن الوطني اللواء علي مملوك، واتفاق الطرفين على تطبيع العلاقات بينهما بعد عيد الفطر، وإعادة العمل بسفارتي البلدين في دمشق والرياض مجدّداً.
هذا الإجتماع الذي اعتبر الأول من نوعه بين مسؤولين في البلدين على هذا المستوى منذ نحو 10 سنوات، تبعته زيارة وزير السّياحة السّوري محمد رامي رضوان مرتيني برفقة وفد وزاري إلى العاصمة السعودية الرياض، يوم الثلاثاء في 25 أيّار الجاري، للمشاركة في اجتماع تعقده منظمة السّياحة العالمية للشرق الأوسط، في زيارة رسمية هي الأولى لمسؤول رسمي سوري إلى السعودية منذ عام 2011.
عودة المياه الى مجاريها بين دمشق والرياض شهدت ترحيباً من الجانبين، وهو ما كشفته مستشارة الرئيس السّوري بثينة شعبان، التي أشارت إلى أن “هناك جهوداً تبذل لعلاقات أفضل بين البلدين”، وما أكده وزير الخارجية السّوري فيصل المقداد بقوله إنه “من المستغرب ألا تكون هناك علاقات بين سوريا والسعودية”، معتبراً أنه “من الطبيعي أن تكون هناك علاقات بينهما”.
كلّ هذه التطورات في العلاقات بين سوريا والسّعودية جاءت قبل أيّام من الإنتخابات الرئاسية السّورية التي جرت أمس، وهي علاقات سوف يجري تفعيلها أكثر في الأيّام المقبلة على كلّ الصعد، سياسياً وإقتصادياً، والتفاهم على ملفات كثيرة منها ملف لبنان، الذي تحدثت تسريبات إعلامية عن تكليف لجنة من شخصيات في البلدين للبحث فيه، والذي ينتظر أن تبدا نتائجه بالظّهور قريباً.
التقارب السّوري ـ السّعودي الجديد إلتقطه كثيرون في لبنان، من بينهم رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط الذي دعا إلى إنتاج “تسوية” تنهي الأزمة الحكومية، ورئيس مجلس النوّاب نبيه برّي الذي اعتبر في خطاب ألقاه يوم الإثنين الماضي لمناسبة عيد المقاومة والتحرير أن “المدخل الإلزامي للإنقاذ هو مبادرة المعنيين، دون شروط مسبقة، إلى إزالة العوائق الشخصية التي تحول دون تشكيل حكومة وطنية، مؤلّفة من إختصاصيين غير حزبيين، ودون أثلاث معطّلة”.
مسعى برّي الحكومي سرعان ما لقي ترحيباً محلياً وعربياً ودولياً لافتاً، ودعماً له، وهو دعم تجلى في مواقف كثيرة، وتحرّكات داخلية جرت بعيداً عن الأضواء، ويُعوّل عليها كثيرون في الإسهام بولادة الحكومة، وأن يتكلل مسعى برّي بالنجاح، ومنه الدعم الذي تلقاه من الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله في اليوم التالي، الذي فُسّر على أنّه دعم علني كي يسير برّي بالمبادرة حتى النهاية، فهل يمكن القول إن العدّ التنازلي لولادة الحكومة على وقع التقارب السوري ـ السعودي قد بدأ؟
السّاعات والأيّام القليلة المقبلة كفيلة بالإجابة.
مواضيع ذات صلة: