مشهد لافت في السّفارة السّورية.. ولبنانيون لم يتعلموا من دروس الماضي… عبد الكافي الصمد

أظهر مشهد الحشد الكبير أمام السّفارة السّورية في بيروت أمس للسّوريين الذين توجّهوا للمشاركة في الإنتخابات الرئاسية السّورية التي أقيمت أمس للمقيمين خارج سوريا، تناقض وإرباك أطراف لبنانية عدّة في التعاطي مع الملف السّوري وعلاقة لبنان مع سوريا، عبّروا عنه في المواقف وعلى الأرض من اعتداءات على بعض النّازحين في مناطق معينة.

أبرز مظاهر هذا التناقض والإرباك برز لدى حزب القوات اللبنانية، الذي غرّد رئيسه سمير جعجع، أول من أمس، مطالباً السلطات اللبنانية “بالحصول على قوائم بأسماء من سينتخبون الرئيس السّوري بشار الأسد من أجل ترحيلهم إلى سوريا”، معتبراً أنّ على من سيصوّت للرئيس الأسد أن “يغادر لبنان عائداً إلى المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية”، على حدّ قوله.

لكنّ عودة النّازحين السّوريين إلى بلادهم كان جعجع وحزبه القوات اللبنانية وقوى أخرى حليفة له أو تشاركه التوجّه ذاته، رفضوه مراراً برغم الدعوات من أجل عودة النّازحين السّوريين إلى بلادهم، وتخفيف العبء عن لبنان، ومنهم وزيرة الدولة لشؤون التنمية الإدارية مي شدياق، ممثلة القوّات في حكومة الرئيس سعد الحريري السّابقة، عندما صرحت في 23 شباط 2019 بأنّه “لن تتم عودة النّازحين السّوريين ولو على دمائنا”، ووضع شروط للقبول بهذه العودة أبرزها “تأمين حماية دولية لهم خشية أن تتعرض الحكومة السورية لهم”، حسب ادعاءات القوات وحلفائها.

كان رفض القوّات وسواها من بقية القوى يومها لرفض عودة النّازحين السّوريين إلى بلدهم ينطلق من عاملين: الأول وجود مخططات إقليمية ودولية كانت تسعى لاستخدام النّازحين ضد حكومة بلدهم؛ والثاني الإستفادة من المساعدات المالية الكبيرة التي كان المجتمع الدولي يقدمها للنّازحين السّوريين في لبنان، وتذهب في غير وجهتها الفعلية، ولمّا سقطت مخططات إستهداف سوريا وفشلت، وتراجع كثيراً منسوب الدعم المالي والمساعدات للنّازحين، تغيّرت المواقف من وجود هؤلاء النّازحين في لبنان، وصولاً إلى حدّ الدعوة لإجبارهم قسراً على العودة إلى بلدهم، والإعتداء عليهم كما جرى يوم أمس خلال توجّههم إلى السّفارة السّورية في بيروت.

مواقف القوّات ومن يمثلها ممّا حصل أمس يؤكّد ما ذهب إليه سياسيون ومراقبون كثر في الآونة الأخيرة، من أنّ المنطقة مقبلة على تسويات كبيرة، وبأنّ هناك أجواء إنفتاح واسعة على سوريا، إقليمياً ودولياً، كان يفترض أن يكون لبنان سباقاً إليها بحكم التاريخ والجغرافيا، ولمعالجة الكثير من القضايا الشائكة بين البلدين، ومنها قضية النازحين في لبنان، ولكن بعض القوى السياسية اللبنانية ما تزال تصرّ على قراءة الأحداث على نحو خاطىء، والتعاطي مع التطوّرات بخفّة متناهية، وعدم التعلم من دروس الماضي، القريب منه والبعيد، لن تكون نتيجتها إلا إلحاق الضرر بمواطنين سوريين ولبنانيين، وبعلاقات بين البلدين يفترض وفق المعاهدات الموقعة بينهما أن تكون “مميزة”.

الردّ السّوري على ما جرى أمس جاء ديبلوماسيّاً، وعبّر عنه السّفير السّوري في لبنان علي عبد الكريم علي في مواقف تضمّنت الكثير من الرسائل، بعدما رأى أنّ “الإعتداء على حافلات الناخبين مؤلم، وهذا لا يليق باللبنانيين، وما يحصل يجب أن يسعد اللبنانيين”، معتبراً أن “الكلام التحريضي على العلاقة بين لبنان وسوريا إلى تراجع، والكلام العنصري لا يفيد البلدين”، لافتاً في إشارة هامّة إلى أن “القادم فيه تسويات، وعلى لبنان الخروج من أزمته، وهذا من مصلحته ومصلحة وسوريا أيضاً”.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal