خرائط النفوذ تُرسم مجدّداً في المنطقة ولبنان على الطاولة… عبد الكافي الصمد

كانت إرتدادات تسريب خبر زيارة وفد إستخباراتي سعودي إلى العاصمة السّورية دمشق، في 3 أيّار الجاري كبيرة جدّاً في لبنان، فضلاً عن دول أخرى، إذ سارع أغلب المعنيين في الطبقة السّياسية اللبنانية إلى معرفة ما دار في ذلك اللقاء، وأسباب إنعقاده المفاجئة بعد سنوات من القطيعة والجفاء بين دمشق والرّياض، وأين كان موقع لبنان على طاولة المباحثات.

لم تصل إلى أسماع أكثرية الطبقة السّياسية في لبنان تفاصيل كثيرة عن ذلك الإجتماع الذي فتح صفحة جديدة بين دمشق والرياض، لكن مجرد الإعلان عنه كان كفيلاً بأن يحدث إرباكاً عند فريق سياسي واسع، وتحديداً عند خصوم سوريا ممّن يعتبرون من حلفاء السعودية، الذين وجدوا أنفسهم، فجأة، أمام مرحلة جديدة تستدعي منهم التغيير الجذري في مقاربة الموقف من سوريا، ومن الأحداث الجارية فيها، شكلاً ومضموناً، إنطلاقاً من الموقف المستجد للمملكة.

ومع أنّ المعلومات حول ما إذا كان الوضع اللبناني قد جرى بحثه في ذلك اللقاء كانت قليلة، فإن مجرد عقد اللقاء كان كافياً كي يستشعر كثيرون في الداخل اللبناني أنّ دمشق لم يعد ممكناً تجاوزها، من قبل السعودية تحديداً، بما يتعلق بالملف اللبناني برمته بحكم التّاريخ والجغرافيا معاً.

وقبل أن يجفّ حبر التعليقات والمواقف في بيروت التي تناولت لقاء دمشق تسرّبت معلومات مثيرة للإهتمام عن إجتماع خماسي عقد في العاصمة المصرية القاهرة، ضمّ ممثلين عن سوريا والسّعودية وإيران والولايات المتحدة ومصر، بحث الكثير من ملفات المنطقة، من بينها الملف اللبناني، الذي تفيد المعلومات المسرّبة بأنّه جرى فيه التطرق للملف اللبناني من عدّة جوانب، سياسية وإقتصادية وأمنية.

كان يكفي تسريب هكذا خبر عن لقاء القاهرة، وآخر قبله عن لقاء دمشق، كي يستخلص المراقبون جملة نقاط، من أبرزها:

أولاً: باتت عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية أمر روتيني نتيجة الإنفتاح العربي عليها، حتى بات يمكن القول إنّ العرب عادوا إلى دمشق، وليس العكس، بعدما لمسوا أن تغييب دولة عربية فاعلة ومؤثرة ومعاداتها كان له تأثيره السلبي على العمل العربي المشترك من كل جوانبه، وعلى الحدّ الأدنى من التفاهم العربي حول معالجة قضاياهم العالقة، وهي كثيرة.

ثانياً: من خلال ما تسرّب من معلومات قليلة حول لقاء القاهرة، يمكن الإستنتاج أنّ  المجتمعين سلّموا بدور سوريا في لبنان، من غير إسقاط دورهم وتأثيرهم فيه، إلا أنّ المعلومات المسرّبة تفيد أنّ أيّ إستحقاق في لبنان، سياسي وأمني تحديداَ، لن يكون بالإمكان إتخاذه بلا التشاور مع دمشق.

ثالثاً: شهدت الاسابيع القليلة الماضية تحولات كبيرة في المنطقة، من خلال فتح قنوات حوار وعقد لقاءات بين اطراف كانت حتى الامس القريب على خصومة شديدة في ما بينها، مثل الحوار بين السعودية وايران، وانفتاح تركيا على مصر والسعودية، عدا عن الملف النووي الايراني اقر حكام طهران والغرب على ضرور احيائه مجددا.

كلّ ذلك يشكّل فرص مختلفة لرسم خارطة جديدة في المنطقة، وإحداث تغيير هائل في علاقات دولها في ما بينهم، يبدو أنّ أغلب الجالسين على كراسي السّلطة في بيروت لا يأبهون له، فضلاً عن أنّهم يظهرون غير مؤهلين للتعايش معه في المرحلة المقبلة.

       


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal