عون: جبران فولاذي والحريري ″نام وقام″ ويحاول إحراجي لإخراجي.. ولن أرضخ

أكّد رئيس الجمهورية ميشال عون، أنّ أموره على ما يرام بعد تلقّيه اللقاح ضدّ كورونا، وقال: “لكن لو كنت أنا المسؤول المباشر عن تنظيم عملية إعطاء اللقاح لاتبعت التوزيع الأفقي والعامودي، بعيداً من حصره بقاعدة العمر، إذ هناك مجموعات من الشباب تعمل في قطاعات حيوية ومنتجة وتستحق اخذ اللقاح أيضاً”.

وعن اللقاح الحكومي الذي ينتظره كل اللبنانيين، قال عون في حديثٍ لـ “الجمهورية” ضمن مقال للصحافي عماد مرمل: “نام الرئيس المكلّف سعد الحريري ثم استفاق على مقاربة حكومية تنسف كل القواعد التي اعتدنا على اعتمادها في تشكيل الحكومات، وبالتالي، فإنّ المعالجة تكون ببساطة في ان يحترم تلك القواعد، وهو يعرف انني “محروق” على تشكيل الحكومة، ولكن هذا لا يعني انّ من حقه ان يستغل حرصي الشديد على تأليفها في اسرع وقت كي يفرض عليّ تركيبة مناسبة له وليس للبلد”.

وأضاف، للمرة الألف، أؤكّد أنني لا أريد الثلث المعطّل، وإتهام الحريري لي بانني أسعى اليه هو باطل، وقد سبق لي ان قلت له في احد الاجتماعات بيننا: “لولا هذه الحشرة ولولا الأزمة الحادّة التي نمرّ فيها حالياً ما كنت لأسمح لك اساساً بأن تتهمني بأنني احاول الحصول على الثلث المعطّل. إذ هل يُعقل ان يعطّل رئيس الجمهورية نفسه وعهده، ولو كان كل الوزراء في الحكومة من حصّتي ما كنت لألجأ الى التعطيل. انا من موقعي كرئيس للجمهورية استطيع ان اتدخّل، وبالتالي لا حاجة لي الى الثلث المعطّل”.

ولفت عون، الى انّه “لاحظ انّ الحريري أصبح أخيراً غريب الأطوار، وكأنني لا أعرفه، على الرغم من انني كنت قد احتضنته وتعاملت معه كوالده، وعندما سألته: ماذا جرى لك؟ أجابني: “لقد تغيّرت”.

ولدى سؤاله: هل أنت نادمٌ على الدور الذي أدّيته لمعالجة الأزمة الشهيرة التي تعرّض لها الحريري في السعودية؟ ردّ عون قائلاً: “ابداً.. لقد أدّيت واجبي حينها، وأنا افصل بين تلك التجربة وبين ما يحصل اليوم، ولست في وارد تربيح الجميلة”.

واستهجن عون إصرار الحريري على أن “يكون عدد الوزراء 18، موضحاً انّه عرض عليه تشكيل الحكومة من 20 او 22 او 24 وزيراً، وبذلك نحمي التوازنات من دون أن يستحوذ اي طرف على الثلث المعطّل، الّا انّه رفض، وأبلغني بأنّه متمسّك بصيغة الـ18، ما يدعو الى الاستغراب والارتياب”.

وتساءل عون: “ما السرّ في تمسّك الحريري لوحده بهذا الرقم السحري؟ فليقنعني بسبب وجيه حتى أوافق معه، أما وأنّه لم يستطع اقناعي فأنا لا أجد مبرّراً لعدم توسيع الحكومة، الّا اذا كان الجمع بين حقيبتي الخارجية والزراعة، كما طرح في تشكيلته، هو مثال يُحتذى في الاختصاص”.

كما أكّد في هذا السياق، انّه “منفتح على أي مبادرة حلّ تنطلق من مبدأ زيادة عدد الوزراء، لضمان التقيّد بمعياري الإختصاص والتوازن”.

وتابع عون، “لم يحترم الحريري أيضاً الأصول في توزيع الحقائب على الطوائف. ومن المعروف انّ هناك حقائب سيادية وخدماتية وعادية، لطالما كانت تُوزع بطريقة دقيقة تراعي التوازنات، الّا انّه لم يراع هذا المبدأ، ولذلك اقترحت عليه جدولاً منهجياً، في اطار التعاون وليس بغرض مصادرة صلاحياته، وقد أرفقته بورقة احترمتُ فيها اللياقات وأصول المخاطبة، حيث كتبتُ عليها، انّ من المستحسن ملء الجدول، ولم أقل إنّه من المفروض ان يملأه”.

وواصل عون سرد بعض تفاصيل اللقاء العاصف الأخير مع الرئيس المكلّف، قائلاً: “لقد كان الحريري منفعلاً، واعتبر انّ الاقتراح الذي أرسلته اليه ينطوي على ثلث معطّل، وهذا مرفوض من قِبله. فشرحت له كيف انّ استنتاجه ليس صحيحاً، بل أكثر من ذلك، توجّهت اليه بالقول: مزّق الورقة وانسَ أمرها. الّا انّه خرج من مكتبي وتلا بياناً تصعيدياً، ومُحضّراً سلفاً، ما يؤشر بوضوح إلى انّه كانت لديه نيّات مضمرة ومبيتة حيالي”.

وإستعاد التشكيلة التي كشفها الحريري بعد خروجه من الاجتماع معه، متسائلاً: “هل الأسماء التي يريد فرضها هي مؤهّلة حقاً لتحمّل المسؤولية ومواجهة التحدّيات الضخمة؟ إنني اترك الحكم للبنانيين”.

وأشار عون، الى انّ “إحدى مشكلات الحريري انّه لا يزال يصرّ على تسمية الوزراء المسيحيين”، متجاهلاً “انني مؤتمن استثنائياً على اختيار هذه الاسماء، ليس لأنني أريد حصّة لنفسي وإنما لأنّ القوى المسيحية الأساسية غير مشاركة في مفاوضات التشكيل ما اضطرني، من باب المحافظة على الميثاقية وحقوق كل الفئات، ان اتحمّل مسؤولية ضمان صحة تمثيل المكوّن المسيحي، إلى جانب دوري كرئيس للجمهورية ولكل اللبنانيين”.

وقال: “في السابق كان الرؤساء المكلّفون هم الذين يتفاوضون مع ممثلي المسيحيين ويتفقون معهم على الأسماء، لكن هذه المرة تغيّرت المعادلة، لأنّ الحريري يرفض الحوار مع “التيار الوطني الحر”، فيما لقوات اللبنانية وحزب “الكتائب” قرّرا عدم المشاركة، وبالتالي صار لزاماً عليّ ان املأ هذا الفراغ”.

وأردف: “لا يحق للحريري ان ينتقي أسماء الوزراء المسيحيين، حتى لو كان بعضها وارداً في المسودة التي كنت قد وضعتها وضمّت ما يقارب 70 اسماً من جميع الطوائف. وعندما زارني الحريري في إحدى المرات طلب مني ان يلقي نظرة على تلك المسودة التي كانت أمامي، فأعطيته ايّاها بكل نية حسنة، ولم أكن أعلم انّه سيختار منها بالنيابة عني، وهذا ليس من حقه، ويعود لي اختيار جميع الوزراء المسيحيين المصنّفين ضمن خانة رئيس الجمهورية للأسباب التي شرحتها، واستطراداً، انا الذي أقرّر أي أسماء سأعتمد من اللائحة التي وضعتها للاستئناس، أو من خارجها، وليس الحريري من ينوب عني في هذه المهمّة. ثم يُفترض به ان يقتنع بأنّ حزب الطاشناق مستقل ولا يصح ان يحتسبه من حصّة رئيس الجمهورية”.

ومن غرائب الأمور، وفق عون، انّ الحريري يبرّر ما يفعله بحرصه على تشكيل حكومة اختصاصيين، “فيما هو شخصياً لا علاقة له بالاختصاص، اي انّه كرئيس مكلّف يفتقر الى المعيار الذي يشترطه في الوزراء، ومع ذلك تغاضينا عن هذا الخلل لتسهيل التشكيل، فكانت النتيجة أننا رضينا ولم يرض هو”.

وعن تأثير العلاقة المتدهورة بين الحريري ورئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل على محاولات تشكيل الحكومة، قال عون: “لو كنا في وضع طبيعي ما كنت لأقبل بأن يتجاهل الحريري رئيس اكبر كتلة نيابية ويرفض الجلوس معه، ما هذه الخفة في التصرّف؟ والأنكى من ذلك، انّه يمتنع عن التحاور مع باسيل ثم يطلب منه ان يمنح الثقة لحكومته، “أي معادلة عجيبة هذه؟ إذا كان باسيل غير جدير بنيل ثقتك فكيف تشترط في المقابل ان يعطيك ثقته؟”.

وإعتبر عون، انّ “الحريري أوجد عداوة غير مبرّرة مع باسيل، الذي لم يتعرّض له بالشخصي بتاتاً، وأتحدّى ان يكون قد وجّه أي إساءة الى الرئيس المكلّف، وإنما الحريري هو الذي يتهجّم عليه بمناسبة ومن دون مناسبة. وبصراحة، انا متفاجئ كثيراً بهذا العداء الذي لا أجد تفسيراً محلياً له. وعلى كلٍ، جبران “فولاذي” ولا يتأثر بكل الحملات التي يتعرّض لها”.

كما استهجن عون كيف أنّ “الحريري، وبدل ان يفعل المستحيل لإنجاز التأليف بالاتفاق مع رئيس الجمهورية بعد تذليل العقبات، وضع التكليف في جيبه وراح يتنقل من دولة الى أخرى، ببرودة أعصاب ومن دون تقدير لأهمية الوقت المهدور ولحراجة الظرف الدقيق الذي لا يسمح بترف السياحة الخارجية، علماً انّ زياراته لم تفضِ الى اي نتيجة إيجابية لمصلحة لبنان، بل لعلّ بعضها مريب”.

وتابع: “تصور انّ نحو أربعة ملايين لبناني هم الآن رهائن مزاج الرئيس المكلّف”.

وعن أن هناك انطباعاً بأنّه يسعى الى إحراج الرئيس المكلّف لإخراجه وإجباره على الاعتذار، ينفي عون نفياً قاطعاً لصحة هذا الانطباع، معتبراً انّ “العكس صحيح، والحريري هو من يحاول ان يُحرجني ليُخرجني عن قواعد التشكيل السليمة، الّا انني لن ارضخ لذلك”.

وحين سأل عون: لماذا لا تقبل بتشكيلة الحريري كما هي، وتتركه يتحمّل تبعات اختياراته؟ أجاب: “ليس بمقدوري ان أغامر في مسائل مصيرية لا يمكن إخضاعها إلى المجازفة، خصوصاً انّ تجارب الحريري في أكثر من مجال غير مشجعة، ولا أستطيع أن اسلّمه لوحده مصير الوطن، الذي انا مؤتمن على سلامته”.

لكن، وعلى الرغم من “الصدمة” التي يشعر بها عون حيال سلوك الحريري، الّا انّه “لم يُقفل الباب أمام إمكان التفاهم معه، انطلاقاً من قاعدة احترام معايير التوازن والتمثيل والاختصاص في الحكومة”

وأردف عون: “على الرغم من كل التعقيدات، لم أفقد الأمل بعد في إمكان تشكيل حكومة برئاسة الحريري، شرط أن يعود إلى احترام بديهيات التأليف. وانا من جهتي مقتنع بأنّ لا عداوات دائمة في السياسة، وانّ المصلحة العامة ينبغي أن تتغلّب في نهاية المطاف على الحسابات الشخصية، وعليه، فإنّ أبواب القصر مفتوحة أمام الرئيس المكلّف متى قرّر ان يحمل إليّ طرحاً واقعياً لنناقشه ونتفاهم عليه وفق مقتضيات الدستور. اما اذا كان يتعذّر عليه أن يفعل ذلك، فيجب أن يحتكم الى ضميره ويبادر الى الاعتذار الشجاع، لأنّ الوضع لا يتحمّل النكايات العبثية او العناد الشخصي، إذ انّ مصير الوطن ومستقبل اللبنانيين على المحك، الأمر الذي يستوجب التحسس بأعلى درجات المسؤولية”.

ولدى سؤاله: “هل صحيح انّك منشغل في تأمين المستقبل السياسي لباسيل، وانّ جزءاً من تعقيدات الملف الحكومي يرتبط بسعيك الى تحسين موقعه في معادلة انتخابات رئاسة الجمهورية؟ ضحك عون، وأجاب: “جبران ذكي ونشيط ومجتهد وكفؤ، لكن هذا شيء وانتخابات الرئاسة بعد نحو عام ونصف العام شيء آخر له ظروفه وحساباته في حينه. ما يهمّني الآن ضمان مستقبل اللبنانيين، وهذه أيضاً اولوية جبران. وأنا أريد بعد رحيلي عن هذه الدنيا ان يبكي الناس عليّ وليس على لبنان. أضف إلى ذلك، انني مقتنع بمقولة أحد الفلاسفة الهنود، الذي يعتبر انّه لا يجب بذل جهد استثنائي للوصول، بل دع الأمور تحدث لوحدها وتأخذ مجراها الطبيعي. الصيرورة بمعنى ان تصير هي الأصل، لا الوصولية التي تبتغي الوصول بأي وسيلة وثمن. وانا اعتمدت هذه القاعدة”.

وعن ترويج البعض بأنّ “باسيل هو رئيس الظل الذي يتحكّم بقرارات القصر، قال عون: “هم يعرفون انّ ما يزعمونه لا يمتّ الى الواقع بصلة، والحقيقة إنّ جبران تلميذي”..

وتوقف عون بامتعاض شديد عند العقوبات الأميركية المفروضة على باسيل، قائلاً: “لقد عاقبوه لأنّه على صداقة مع “حزب الله”، وهذا خيار اتخذه في داخل وطنه ويتعلق بوطنه، فكيف يجوز لهم ان يعاقبوه لهذا السبب”.

وأوضح عون، انّه تجنّب الغوص في تفاصيل الشأن الحكومي وزواريبه مع السفراء الذين زاروه اخيراً، وقال: “لا أحبذ الخوض فيها امامهم”. مشيراً الى انّ “العلاقة مع السعودية بعد زيارة السفير وليد البخاري الى قصر بعبدا هي الآن عادية”.

وعن تصنيف البعض لعهده بأنّه الأسوأ لأنّ كل الأزمات انفجرت خلاله؟، ردّ عون ساخراً: “نعم، أعترف”، أنا من استدان مبلغ 90 مليار دولار حتى أفلست الخزينة، وأنا من صنع فيروس كورونا ونشره، وانا من فجّر نيترات الأمونيوم في المرفأ، وانا من امعن في مؤسسات الدولة هدراً وفساداً على امتداد عقود، كنت منفياً خلالها الى فرنسا، وانا من أنشأ الصناديق والمجالس، وانا من أشعل الحرب السورية وأتى بالنازحين الى لبنان، وانا من أدخل “داعش”.

وأضاف، “ربما يحملونني المسؤولية لأنني اتخذت القرار باجتثات الإرهابيين من الجرود، ودفعت في اتجاه إقرار مراسيم النفط التي تحمي حقوقنا الطبيعية، وتمسّكت بوضع قانون انتخابي يحقق افضل تمثيل ممكن، وقاتلت لاعتماد الإصلاحات الحيوية وفتح ملفات الفساد وإجراء التدقيق الجنائي الهادف الى معرفة حقائق الإنهيار المالي والاقتصادي.. لقد كان يتوجب عليّ أن لا أفعل كل ذلك حتى يصبح عهدي ناجحاً”.

ولدى سؤاله: “هل أنت مرتاح الى طريقة تعامل حاكم مصرف لبنان رياض سلامة مع ملف صعود الدولار؟، أجاب عون: “بصراحة، لم أعد مرتاحاً الى سلوك سلامة، وبصراحة أكبر، لقد أصبحت اشعر باستياء كبير جراء السياسات النقدية وبعض التصرفات”.

وأعرب رئيس الجمهورية ميشال عون عن ثقته في أنّه “سيستطيع خلال السنة ونصف السنة المتبقية من ولايته إطلاق المشاريع التأسيسية الإصلاحية”.


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal