الطاسة الحكومية ضايعة!… غسان ريفي

يبدو أن القيادات اللبنانية تريد ″العصفور وخيطه″ من الخارج الذي يعمل على تقريب وجهات النظر فيما بينهم من أجل إنتاج حكومة تنقذ اللبنانيين الذين أجروا مقارنة بسيطة أمس بين حكام الامارات الذين قادوا بلدهم الى المريخ عبر ″مسبار الأمل″، وبين حكام لبنان الذين يقودون بلدهم الى جهنم عبر ″مسبار″ المحاصصة والثلث المعطل.

يمكن القول، إن الطاسة الحكومية ضايعة فرئيس الجمهورية ميشال عون يتمترس في قصر بعبدا، ويتصلب في مواقفه، ويتحصن خلف المكتب الاعلامي الذي يطلق سهامه باتجاه كل من يحاول أن يحشر عون سياسيا، في حين يسوح الرئيس المكلف سعد الحريري في بلاد الله الواسعة بحجة الحصول على دعم دولي ما زال حتى الآن مفقودا، فيما تتجه البلاد نحو الهاوية، واللبنانيون نحو مصير مجهول على كل صعيد.

كل الكلام الآتي من الخارج بات متشابها ويلخص بعبارة واحدة هي: “شكلوا حكومة لكي نساعدكم” أو بالمعني نفسه “لا مساعدات من دون تشكيل حكومة”، وكان آخر من أكد ذلك نائب رئيس الحكومة القطرية وزير الخارجية محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، الذي ربط كل المساعدات بالافراج عن الملف الحكومي، نافيا أن تتعارض توجهات قطر مع المبادرة الفرنسية، إلا أن النتيجة الحكومية تبقى “صفر”، ما يؤكد أن العالم كله في واد ومسؤولي لبنان في واد آخر.

في غضون ذلك، يعمل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على إعادة تحصين مبادرته التي ستكون أمام مفترق طرق بعد زيارتيه المرتقبتين الى الامارات والسعودية، خصوصا أن هناك مساع مع دول الخليج لدعم هذه المبادرة، ومساعدة لبنان بعد تشكيل الحكومة بما يساهم في عملية الانقاذ، في وقت ما يزال الموقف السعودي على حاله تجاه الاحجام عن تقديم أية مساعدة على خلفية الاستهداف الآتي من اليمن، وتجاه رفض أي حكومة يمكن أن يشارك فيها حزب الله، فهل ينجح ماكرون في تبديل الموقف السعودي بما يساعد على تزخيم مبادرته؟، أم يفشل في ذلك وتخلو مبادرته من ركن أساسي هو المساعدات المالية؟.

وإذا نجح ماكرون في الخليج، هل سينجح في إقناع المسؤولين اللبنانيين في تذليل العقبات بتسهيل ولادة الحكومة؟، وهل سيحتاج ذلك الى ثمن من طراز رفع العقوبات الأميركية على جبران باسيل؟، وهل سيكون الرئيس الفرنسي مضطرا لتذليل كل هذه العقبات خارجيا وداخليا لتشكيل حكومة في لبنان؟..

اللافت أن ما يقوم به ماكرون اليوم، لا يدفع المعنيين بتشكيل الحكومة الى ملاقاته ولو بخطوة إيجابية واحدة، الأمر الذي يتطلب إتخاذ قرارات حاسمة سواء بإيجاد قواسم مشتركة بين عون والحريري، أو تراجع عون عن مطلبه أو تنازل الحريري عن شروطه، خصوصا أن أحدا في لبنان لم يعد يمتلك ترف الوقت، فهل يفعلها الحريري ويبق البحصة في ذكرى 14 شباط؟، وهل سيجيب على التساؤلات التي تفرض نفسها على اللبنانيين، من الترشيح لرئاسة الحكومة الى إمكانية تشكيلها وإنتزاع توقيع رئيس الجمهورية على مرسومها؟.

لم يعد هناك إمكانية لأية مناورة، فثورة 17 تشرين الأول إنطلقت ضد عون والحريري وجبران باسيل على حد سواء وعندما كانوا في تحالف متين، واليوم في ظل الخلافات المستحكمة بينهم تتجه الأمور نحو الأسوأ؟ فهل سينتقل نموذج طرابلس الى سائر المناطق اللبنانية إذا ما إستمرت سياسة اللامبالاة على هذا الشكل؟، وهل يتنازل عون تحت الضغط الدولي ومن أجل مصلحة لبنان؟، أم أن الحريري يصارح اللبنانيين ويحذو حذو الدكتور مصطفى أديب الذي كان منسجما مع نفسه وإعتذر بعدما أيقن بأنه غير قادر على تشكيل الحكومة.

يقول متابعون: إن هذا الدلع السياسي سيكون له أثمانا باهظة جدا، وعلى المعنيين بتشكيل الحكومة حسم أمورهم قبل فوات الأوان!.


مواضيع ذات صلة:


 

Post Author: SafirAlChamal