هل إقتنع عون أن الحريري ″شرّ لا بد منه″؟!… غسان ريفي

بعد الثغرة التي فتحتها أحداث طرابلس في جدار الأزمة الحكومية، تسارعت وتيرة الاتصالات السياسية للاستفادة من هذا الخرق الذي جاء على حساب الفيحاء التي إستُخدمت مجددا في توجيه الرسائل وتصفية الحسابات والتي تنتظر أيضا من القوى الأمنية والعسكرية والقضائية إعلان نتائج التحقيقات وكشف الهويات وتحديد المسؤوليات وإنزال العقوبات بمن يثبت تورطهم في إستهداف المدينة وأهلها.

يمكن القول أن أحداث طرابلس جعلت الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري ومعهما كثير من التيارات السياسية المعنية يعيدون حساباتهم ويضربون أخماسا بأسداس، كما جاء التناغم الفرنسي ـ الأميركي الذي ساهم بتشجيع الرئيس إيمانويل ماكرون على إعادة إحياء مبادرته والاتصال بالرئيس عون للدفع نحو تشكيل الحكومة، الى تهيئة الأجواء مجددا لوضع الملف الحكومي على بساط البحث بعد وصول الجميع الى قناعات عدة، أبرزها:

أولا: إن إستخدام الشارع واللعب على حافة الفوضى والتوترات الأمنية، قد ينقلب على الجميع في أي لحظة، حيث لا يعلم أحد ماذا يمكن أن ينتج عنه من تداعيات كارثية، وقد جاء تصريح المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم في هذا الاطار صادما، عندما أعلن أن ما يحصل في طرابلس قد يستدرج تنظيم “داعش” للدخول الى لبنان.

ثانيا: وضوح الصورة في أحداث طرابلس التي أكد كثيرون أنها عبارة عن تصفية حسابات بين الرئيس عون ومعه جبران باسيل وبين الرئيس الحريري للضغط على بعضهم البعض في الملف الحكومي، وقد جاءت نتائج الفوضى الطرابلسية كارثية لا يستطيع أي منهم تحمل تداعياتها، لذلك فإن القرار كان حاسما من القوى الأمنية والعسكرية في ضبط الوضع وتوقيف المتورطين وإعادة الحياة الى طبيعتها.

ثالثا: إمكانية وصول الرئيس عون الى قناعة بأن الرئيس الحريري “شر لا بد منه”، بعدما باءت كل المحاولات البرتقالية لتطفيشه بالفشل، وإنقطاع الأمل بإمكانية إقدامه على الاعتذار، ما يعني أن عدم تحريك المياه الحكومية الراكدة من شأنه أن يمدد الفراغ القائم وأن يبقي حكومة تصريف الأعمال الى نهاية العهد الذي لم يعد قادرا تحمل المزيد من الفشل والاخفاقات في معالجة أزمات اللبنانيين التي تتنامى على كل صعيد.

رابعا: إدراك الرئيس الحريري أنه بالاعتذار يكتب نهايته السياسية، وفي الوقت عينه فإن حال المراوحه يستنزف ما تبقى من رصيده السياسي، وقد جاءت أحداث طرابلس لتؤكد خروج القسم الأكبر من الشارع السني من تحت عباءته.

خامسا: خروج الثنائي الشيعي عن صمته ولو بلسان الرئيس نبيه بري منفردا، والذي أكد رفضه لأن يكون الثلث المعطل من نصيب أي فريق سياسي في رسالة مشتركة واضحة الى الرئيس عون، ما يعني أن الثنائي الشيعي كسر حياديته، لمصلحة التدخل العادل لدى الطرفين، إنطلاقا من الحاجة الملحة الى حكومة، بعد إنزلاق الأوضاع أمنيا وإجتماعيا وإقتصاديا ومعيشيا وصحيا الى منزلقات خطيرة جدا.

بات واضحا أن هامش المناورة لدى عون والحريري بات ضيقا جدا، وأن الوقت لم يعد في مصلحة أحد على وقع الضغط الشعبي الذي بدأ يتجه نحو العنف والاستخدام الأمني، فهل تؤدي كل هذه القناعات السياسية الى تنازلات من كل الأطراف، أم أن المصالح الشخصية والعائلية ستبقى متقدمة على المصلحة الوطنية العليا، وهل زيارة الحريري الى مصر ولقائه الرئيس عبدالفتاح السيسي هي مقدمة لوساطة مصرية تعيد لبنان الى الحضن العربي وتساعد الفرنسي في معمة تشكيل الحكومة؟.

في الشكل، ثمة حراك مستجد على خط التأليف، أما في المضمون فما يزال الشيطان يكمن في العدد (18 أو 20 وزيرا) وفي الحقائب (الداخلية، العدل والطاقة) وفي الثلث المعطل الذي لم يعد موجودا إلا في طموحات جبران باسيل!..


مواضيع ذات صلة:


Post Author: SafirAlChamal