نتنياهو يقدم جرعة كذب مكثفة.. ويدفن صفقة التبادل ويؤسس لحرب إقليمية!.. غسان ريفي

على وقع الاحتجاجات خارج الكونغرس الأميركي على حرب الإبادة التي يشنها على قطاع غزة، والهتافات التي وصفته بمجرم حرب وطالبت بتوقيفه ومنع المساعدات الأميركية عنه، وعلى وقع التظاهرات التي نظمها أهالي الأسرى الاسرائيليين رفضا لغطرسته بعدم إتمام صفقة التبادل، وبمقاطعة ٩٠ نائبا من الكونغرس الأميركي والمرشحة الديمقراطية كامالا هاريس، قدم رئيس حكومة الإحتلال بنيامين نتنياهو جرعة كذب مكثفة بأبعاد وإتجاهات مختلفة.

دفن نتنياهو في خطابة أمام الكونغرس كل مساعي الحل وصفقة التبادل التي حملتها أميركا نفسها بالتعاون مع مصر وقطر، ما فسّر سياسة المماطلة التي مارسها طيلة الأشهر الماضية بإنتظار إسقاط الحلول بالضربة القاضية من الكونغرس الأميركي.

تجاوز نتنياهو الفشل الذي لاحقه منذ بداية طوفان الأقصى، وإخفاقاته في تحقيق أهداف الحرب على غزة، خصوصا لجهة القضاء على حماس وإستعادة الأسرى وإحتلال كامل القطاع، وحاول التغطية على كل ذلك بخطاب عنصري بغيض يهدف الى التحالف مع العنصرية الأميركية التي تجسّد بعضها داخل الكونغرس، وللتعمية على مأزقه وأزماته وهزائمه التي ترجمت في الداخل الاسرائيلي حيث وصف زعيم المعارضة كلامه بخطاب العار.

بدا نتنياهو رغم محاولاته الايحاء بالثقة خائفا من التحركات الطلابية والشعبية داخل أميركا، فشن هجوما عنيفا على طلاب الجامعات وعلى كل من يقوم بالاحتجاجات على حربه معتبرا أنهم ينفذون سياسة إيران، فضلا عن تجاوزه قرار محكمة العدل الدولية، وبأنه ملاحق قضائيا في عشرات الدول التي باتت مستعدة لإلقاء القبض عليه كمجرم حرب.

على قاعدة إكذب، تحدث نتنياهو مقدما أسوأ خطاب إستعماري عنصري مقيت، فهو كذّب في كيفية التعاطي الاسرائيلي مع الغزاويين على الصعيد الانساني وإدخال المساعدات، وكذّب في الحديث عن عدم إستهداف المدنيين، وكذّب في حجم الدمار، وكذّب في الايحاء بديمقراطية إسرائيل، وكذّب في الميدان، وكذّب في موضوع الأسرى ناقضا العهد لأهاليهم بقرب الافراج عنهم، وكذّب في الوقائع التاريخية، كما كذّب في إدعاء الإنتصار.

وأكد نتنياهو من خلال خطابه المقزز إستمرار الحرب، داعيا أميركا الى تزويده بالسلاح الذي يحتاجه لإستكمالها، مدعيا أنه يدافع عن الولايات المتحدة التي وفي حدث لم يمر عليه الزمن إستنفرت ست دول كبرى للدفاع عنه عندما أرسلت إيران مسيراتها وصواريخها الى العمق الاسرائيلي ردا على إستهداف القنصلية الإيرانية في دمشق.

رسم نتنياهو ملامح المرحلة المقبلة التي يطمح إليها بدعم أميركي، لجهة وضع حماس أمام خيار الحرب أو الاستسلام، وتقديم رؤيته لليوم التالي لهذا الاستلام في غزة، لجهة إبقاء الإحتلال، وإختلاق حفنة من العملاء لإدارة الوضع الفلسطيني وقيادة الحكم في غزة بما يريح إسرائيل ويمنع عنها خطر هجمات المقاومة، بما يعني إنهاء القضية الفلسطينية بشكل كامل والاستعانة بتحالف “أبراهام” مع دول عربية وإقليمية مطبّعة لمساعدته على تحقيق ذلك.

لا شك في أن نتنياهو قد أعاد خلط الأوراق ووضع المنطقة على صفيح أكثر سخونة مما كانت عليه خلال الأشهر الماضية، خصوصا أنه بدا بعيدا عن الواقع، أو آتيا من كوكب آخر، لكن كل ذلك، لم يلغ أنه رئيس مجنون، مهزوم ومأزوم، يتظاهر بعكس ذلك، وبأنه ما يزال صاحب المبادرة، مستخدما إثارة العواطف الأميركية باصطحابه عدد من الأسرى المفرج عنهم والجنود المصابين.

في الخلاصة، فإن خطاب نتنياهو سيعزز من إنقسام الأميركيين، الذين بات قسم كبير منهم على قناعة بأن لا حلول أو صفقات أو تسويات طالما أنه موجودا في السلطة، ما يعني أن هؤلاء مع مكونات المجتمع الدولي من أصحاب الخيار الاستراتيجي لوقف الحرب وإتمام صفقة التبادل سيكونوا أمام خيارين لا ثالث له، فإما غض النظر والسير وفق جنون نتنياهو والتأسيس لحرب إقليمية تهدد كل المصالح الموجودة في المنطقة وهذا أمر سيكون له تداعيات كارثية، أو السعي الى إزاحته من المشهد سواء قتلا أو إنقلابا ينتهي به الى المحاسبة والمحاكمة والسجن علما أن المعارضة داخل الكيان باتت جاهزة لهذه المهمة.

اللافت في خطاب نتنياهو أنه لم يستهدف حماس فقط، بل إستهدف كل الفلسطينيين في الداخل وفي الشتات، وكل من يتمسك بالقضية المركزية للعرب، ولعل أبرز رد عليه هو الالتزام الكامل بالاتفاق الذي وقعته الفصائل الفلسطينية في بكين تحت الرعاية الصينية وتأمين كل الدعم العربي له.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal