بين آل فرنجيه وآل سعود علاقة عائلية تاريخية لا تمحوها السياسة!… ديانا غسطين

لافتة كانت زيارة رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه الى دارة سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري الخميس الماضي في 11 أيار. ورغم كل حملات التشويه التي حاول اخصام فرنجيه شنّها ليظهروه بصورة اللاهث وراء الرئاسة الا ان نتائج هذا اللقاء جاءت مخيبة لتوقعاتهم.
وعملاً بالمثل القائل “قل لمن يدعي في العلم معرفة حفظت شيئاً وغابت عنك أشياء”، لا بد من إعادة التذكير بقِدم العلاقة التي لطالما ربطت آل فرنجيه وآل سعود وتخطّت السياسة الى العائلية. فبحسب الباحث روي عريجي، هي علاقة عائلية تاريخية تعود جذورها الى أيام الوزير الراحل حميد فرنجيه الذي كان وزير خارجية لبنان وإنتخبه العرب بالإجماع في 18 ايلول سنة 1956 رئيساً لمؤتمر الشعوب العربية الذي انعقد يومها في دمشق دعماً لمصر.
وقد إستمرّت تلك العلاقة مع الرئيس الراحل سليمان فرنجيه، والتي لعبت دوراً مهماً في تمتينها كريمته السيدة صونيا فرنجيه زوجة الوزير الراحل الدكتور عبدالله الراسي، الذي كان يمارس مهنة الطب في المملكة العربية السعودية، وتعززت اكثر مع الأمير سلمان الذي كان حاكم الرياض يومها.
وبعد انتخاب سليمان فرنجيه رئيساً للجمهورية، ربطته علاقة قوية بالمغفور له الملك فيصل، الذي عندما استقبله في الرياض، رقص مع اشقائه “العرضة النجدية” ترحيباً برئيس لبنان، وذلك في 9 آذار 1973. وتوالت زيارات الامراء السعوديين خلال النصف الأول من عهد فرنجيه الى لبنان، حيث كانوا يزورون الرئيس في مقرّه الصيفي في اهدن، لا سيما الملك سلمان (حاكم الرياض)، الذي كانت تربطه صداقة قوية بالوزير الراحل الشهيد طوني فرنجيه.
وفي اهدن ايضاً، كانت معرفة الملك سلمان بسليمان طوني فرنجيه ابن الثماني سنوات. وتكررت الزيارات المتبادلة حتى بداية الحرب اللبنانية في نيسان 1975 وما ترتّب عنها من احداث مروراً بمجزرة اهدن في 13 حزيران 1978 والتي كان من ضحاياها صديق الملك سلمان الوزير طوني فرنجيه، حيث جمّدت اللقاءات من دون ان ينقطع التواصل بين السعوديين وآل فرنجيه.
على رغم المآسي اللبنانية، وخلال مؤتمر الصلح الذي انعقد في لوزان السويسرية، يروي الباحث عريجي انه في جلسة 19 آذار 1984، توجه الرئيس سليمان فرنجيه خلال مناقشات موضوع رئاسة الجمهورية وصلاحيات الرئيس، حرفياً الى وزير خارجية سوريا عبد الحليم خدام الذي كان مراقباً في المؤتمر بالقول، اما من ناحية السعودية فقد كان الملك فيصل صديقاً كبيراً للبنان، ومنذ عهد والده الملك عبد العزيز دعمت المملكة العربية السعودية دائماً التنوع الطائفي في بلد الأرز. فقد كان الملك عبد العزيز اول من أصرّ امام القوى العظمى على ان يكون رئيس الجمهورية اللبنانية مارونياً، قائلاً: “لبنان هو نافذتنا المفتوحة على الغرب بفضل مسيحيّيه دعونا لا نغلق هذه النافذة لأننا بذلك سنختنق”، ثم أضاف الرئيس فرنجيه رحمه الله على الملك عبد العزيز يا ابو جمال (عبد الحليم خدام) هو الذي اقترح الرئاسة المسيحية للبنان”. واكد على كلامه يومها الرئيس صائب سلام.
ومع دخول سليمان فرنجيه الحفيد الى المعترك السياسي، ووفاة الرئيس سليمان فرنجيه في 23 تموز 1992، لم تنقطع العلاقة الشخصية مع آل سعود. لكن اغتيال الرئيس السابق رفيق الحريري في 14 شباط 2005 وانقسام البلد الى معسكرين 8 و14 آذار، أدى بفعل بعض المصطادين في الماء العكر الى محاولة توتير العلاقة بين سليمان طوني فرنجيه والسعوديين.
والجدير ذكره انه رغم هذا الجفاء، الا انه وطيلة الأعوام التي سبقت ترشيح رئيس الحكومة السابق سعد الحريري لسليمان فرنجيه في العام 2015 الى رئاسة الجمهورية، لم يصدر عن الأخير أي موقف سلبي تجاه المملكة. وقد حظي هذا الترشيح يومها بموافقة سعودية.
اذاً، هي صداقة “أبا عن جد” تجمع بين المرشح الاوفر حظاً الى رئاسة الجمهورية سليمان فرنجيه والعائلة الحاكمة في السعودية. ومما سبق وتقدّم يمكن الجزم بأن فرنجيه، يوم يدخل قصر بعبدا رئيساً للجمهورية اللبنانية، سيحرص على استخدام هذه العلاقة لما فيه مصلحة لبنان لجهة إعادة علاقاته مع دول الخليج العربي الى سابق عهدها انطلاقاً من عربيته وعروبيته.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal