إنقضت ستّة أيّام من شهر آب الجاري من غير أن تشهد طرابلس أيّ تحرّك قضائي ـ رسمي أو شعبي في وجه أصحاب مولّدات الكهرباء الخاصّة، لإجبارهم على الإلتزام بتسعيرة وزارة الطاقة، وتركيب عدادات كما طلبت وزارة الإقتصاد، بعد تحذيرات عدّة على أكثر من مستوى وُجّهت إلى أصحاب المولّدات كما شهدت مدن ومناطق لبنانية مختلفة.
فقد كان الأمل كبيراً أن يشهد يوم الإثنين الماضي، في الأوّل من شهر آب الجاري، إنطلاق جدّي يُترجم على الأرض التعهدات والوعود والمواقف والتحذيرات التي جرى إطلاقها لدفع أصحاب المولّدات إلى الإلتزام بتسعيرة وزارة الطاقة، وهي 14 ألف ليرة مقابل كلّ كيلو وات كهرباء، بدلاً من 75 أو 80 أو 85 سنتاً أو دولاراً، كما يتم تسعير أصحاب المولدات كلّ على هواه ووفق مصالحه الضيقة تسعيرة كلّ كيلو وات.
موعد الأوّل من آب مرّ وكأنّ شيئاً لم يكن، فلا أصحاب المولّدات إلتزموا بالتسعيرة، بل أبقوا تسعيرتهم وفاتورتهم الشّهرية إلى أرسلوها إلى المشتركين على حالها، ما جعل صدمة المواطنين كبيرة بعدما راودهم أمل كبير في تخفيف عبء فاتورة المولّدات عن كاهلهم؛ ولا القضاء تحرّك لردعهم وتنفيذ قراره الذي سبق وأعلن عنه، ولا السّياسيين تحرّكوا على الأرض لتشكيل حالة ضغط على أصحاب المولّدات والقضاء من أجل الإلتزام بتسعيرة وزارة الطاقة.
كلّ ذلك شكّل دافعاً لتساؤلات عدّة حول مصير الدعوى التي رفعها النائب رامي فنج ضد أصحاب المولّدات لدى النيابة العامّة في الشّمال، ولماذا لم يتحرّك القضاء الشّمالي في طرابلس لتنفيذ قراري وزارتي الطّاقة والإقتصاد كما فعل القضاء الجنوبي في كلّ من مدينتي صيدا وصور، اللتين شهدتا إجبار أصحاب المولّدات على الإلتزام بتسعيرة وزارة الطاقة، وتنفيذ عقوبات وفرض غرامات على المخالفين من أصحاب المولدات، ولماذا لم يتحرّك نوّاب عاصمة الشّمال بعد كما تحرّك النائب أسامة سعد في عاصمة الجنوب، وقاد تحرّكاً شعبياً واسعاً أجبر أصحاب المولّدات على الإلتزام بتسعيرة وزارة الطاقة بعد تلكؤ ورفض، وما سيفعل القضاء الشّمالي ونوّاب طرابلس والمواطنون إذا رفض أصحاب المولّدات التراجع والتزام القانون؟
الجواب هو لا شيء، إلّا إذا دبّت النخوة في رؤوس البعض من قضاة ونوّاب ومواطنين وشربوا حليب السباع وقاموا بأولى الخطوات في اتجاه إلزام أصحاب المولّدات الإلتزام بتسعيرة وزارة الطاقة، ومواجهة هذه “المافيا” التي تصوّر نفسها على أنّها عصية على القانون والقضاء والنّوّاب والشّعب، وأنّها ليست في وارد التنازل عن أرباحها التي ما برحت تحققها طوال السنوات الماضية، لا هي ولا الجهات الداعمة لها من سياسيين وأمنيين وشبيحة وزعران.
كيف ستكون صورة المشهد في المرحلة المقبلة؟ الأيّام وحدها كفيلة بالإجابة عن هذا السؤال، فإمّا انتصار القانون والقضاء والشّعب والدولة، وإمّا انتصار “مافيا” المولدات على كلّ هؤلاء.
Related Posts