لا يكاد يمرّ يوم في لبنان إلّا ويخرج فيه طرف سياسي ما ليُحمّل حزب الله والمقاومة مسؤولية العدوان الإسرائيلي على لبنان المستمر منذ أكثر من سنة ونيّف، متهماً إيّاه بأنّه أدخل البلاد في أتون حرب لا تعنيه، وأنّه هو الذي “اعتدى” على إسرائيل وليس العكس، قبل أن يصل إلى نتيجة مفادها أنّ حزب الله في لبنان قد انتهى أو كاد، وأنّه في أضعف الإيمان قد ضَعُف كثيراً ولم يعد كما كان من حيث القوة والحضور، ولن يعود حسب رأيّهم، وأنّه يجب التفكير في اليوم التالي الذي سيعقب إنتهاء الحرب التي يفترض أن لا يكون للحزب وجود فيه في الحياة السياسية اللبنانية، أو على الأقل أن يكون حضوره فيها هامشياً.
كلّ ذلك يجري بينما الحرب مستعرة، والعدوان الإسرائيلي لا يوفّر منطقة لبنانية من استهدافها، وبالتالي فإنّ أيّ حسابات سياسية من هذا النوع سابقة لأوانها وتبدو متسرّعة للغاية، وليس هناك أيّ وضوح لما ستؤول إليه الأوضاع في الميدان، والتي على إثرها وما سينتج عنها ستتضح صورة المشهد السياسي في لبنان والمنطقة.
وسط هذه الأجواء يبدو الرهان على سقوط حزب الله والمقاومة أشبه بالرهان على حصان خاسر، ومغامرة غير محمودة العواقب، لأسباب عدّة من أبرزها أنّ الرهان يتم على أساس أن يُمنى طرفٌ محلي له حضوره وتجذره السّياسي والشّعبي في لبنان، ويُعدّ شريكاً في الحياة السّياسية اللبنانية ولو عدّه البعض خصماً لدوداً، لأنّ هذا الرهان يعني إستعداء قسم كبير ووازن من اللبنانيين من أجل عصبيات مقيتة أو مصالح ضيقة أو نتيجة الإرتباط بأجندات قوى ومصالح خارجية.
ولعلّ الأخطر من ذلك أنّ هكذا رهانات توضع على الطاولة من قبل البعض في لبنان قبل أن يتضح الخيط الأبيض من الخيط الأسود من النّهاية المرتقبة للحرب، التي توضح أغلب المعطيات أنّها طويلة، ولا نهاية قريبة لها، ما يزيد من حدّة الإنقسام الداخلي ويرفع مستوى التوتر، بعد تراجع الآمال في تحقيق إختراق ديبلوماسي يؤدّي إلى التوصّل لهدنة، ولو مؤقّتة، إلى ما بعد الإنتهاء من الإنتخابات الأميركية الأسبوع المقبل، والتداعيات التي ستحملها معها في ضوء ما ستسفر عنه من نتائج، بعدما تبين أنّ جولات التفاوض ليست إلّا لشراء الوقت، واستغلالها من قبل العدو الإسرائيلي لتحويل قطاع غزّة ومناطق في لبنان إلى أرض محروقة.
إلّا أنّ العطب الأساسي في هكذا رهانات أنّها لا تستند إلى الميدان الذي يشهد مقاومة ضارية في مواجهة العدو الإسرائيلي، وتكبيده خسائر غير مسبوقة، وإجبار قسم كبير من سكانه على مغادرة الأراضي التي تجري فيها المواجهة بين جيش العدو والمقاومة في فلسطين المحتلة، ما يجعل من هكذا رهانات مجرد أمنيات وأحلام يقظة لم يتعلم أصحابها من تجارب الماضي والحاضر على حدّ سواء.
Related Posts