يذكّر سفراء الخماسية الذين يعقدون إجتماعا اليوم في قصر الصنوبر اللبنانيين بضرورة إنتخاب رئيس للجمهورية والكف عن الخلافات والانقسامات التي تعطل هذا الاستحقاق، خصوصا أن إجتماعهم هو للتأكيد على أنهم يقرأون في كتاب واحد، وأن ما سبق من تباينات وتناقضات ومنافسات جرت معالجتها.
إجتماع السفراء يمهد لزيارة المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الذي يستكمل مباحثاته مع الأطراف المعنية بالاستحقاق الرئاسي خارجيا وداخليا، لطرح معايير ومواصفات الرئيس العتيد قبل حلول شهر رمضان المبارك.
ولا شك في أن ما قاله أمين عام حزب الله السيد حسن نصرالله في إحتفال إحياء ذكرى الشهداء القادة حول فصل ملف الرئاسة عن الحرب الدائرة في غزة والجنوب، وتأكيده بأن الحزب لا يسعى الى توظيف الأحداث الجارية في الملف الرئاسي، قد أعاد تحريك المياه التي كادت أن تعود الى ركودها في هذا الاستحقاق، كما ساهم في تنشيط سفراء الخماسية.
عودة لودريان الى لبنان خلال الأسابيع المقبلة تؤكد أن لا جلسة نيابية لإنتخاب الرئيس قبل شهر رمضان المبارك، وبالتالي فإن الرئيس نبيه بري الذي أطلق مبادرة الحوار والجلسات المفتوحة في 31 آب الفائت، وتناغم سفراء الخماسية معه حول ضرورة إجرائه قبل الذهاب الى مجلس النواب، لن يقوم بمبادرة جديدة تحت عنوان تشاور أو نقاش، ولن يدعو الى جلسة نيابية سريعة، قبل أن تتبين نتائج مساعي الخماسية على مستوى السفراء ومن ثم وزراء الخارجية، وطروحات المبعوث الفرنسي لودريان، خصوصا أن بري غير مستعد لتسجيل المزيد من الجلسات الرئاسية الفاشلة بعد 12 جلسة لم تفض الى أي نتيجة إيجابية.
في غضون ذلك، ثمة مخاوف من أن تكون جهود الخماسية المستجدة هي حركة من دون بركة، وفقط للحفاظ على ماء وجه الدول الراعية للاستحقاق الرئاسي بعد فشل عمره أكثر من سنة في إيجاد الحلول للمعضلة اللبنانية، خصوصا أن الخماسية لن تفرض رئيسا ولن تطرح أسماء بل ستذهب بإتجاه طرح المواصفات التي قد تتبدل بتبدل الظروف السياسية، وقد يستغلها أي تيار سياسي أو تكتل نيابي لاسقاطها على مرشحه الرئاسي.
وما يعزز من هذه المخاوف هو رفض الأحزاب المسيحية لكل الطروحات، بما في ذلك مواصفات لودريان في حال جاءت لمصلحة مرشح لا تريده أو لا تتوافق معه سياسيا، وهي حتى الآن ترفض الحوار ومشتقاته والمبادرات، وتقطع الطريق على مرشح الفريق الآخر، ولا تقدم أي مبادرة سواء في ترشيح شخصية مقربة من أحدها، أو التوافق فيما بينها على مرشح جدي وليس التقاطع على مرشح لا تتبناه، أو التفتيش على قواسم مشتركة قد تفضي الى حلول.
أمام هذا الواقع، يبدو أن الاستحقاق الرئاسي ما يزال في علم الغيب، إلا إذا إتخذت الكتل النيابية قرارا بإنجازه والذهاب الى مجلس النواب على غرار ما حصل في جلسة التمديد لقائد الجيش، لكن هذا الأمر ما يزال مستبعدا، ما سيضع لبنان على لائحة الانتظار الدولية والاقليمية الى أن تتم التسوية التي يبدو أنها ما تزال بعيدة، خصوصا أن المنطقة برمتها تعيش على “كف عفريت” فيما طبول الحرب الشاملة تقرع يوميا في ظل جنون إسرائيل التي تسعى الى إنجاز لم يعد من الممكن تحقيقه.
Related Posts