هل يشهد العام 2024 إنفراجات داخلية أم تراوح الأزمات مكانها؟.. عبدالكافي الصمد

في السّاعات الأخيرة التي طوى فيها، أمس، العام الماضي 2023 آخر أيّامه، أبدى كثيرون تفاؤلهم بأنّ يكون هذا العام 2024 الذي يطلّ اليوم أفضل من سابقه، وأن يشهد إنفراجات وحلولا، ولو نسبياً، للأزمات المختلفة التي يرزح تحتها لبنان. 

وإذا كان التفاؤل صفة ملازمة للطبيعة البشرية في كلّ العصور والأزمنة، خصوصاً في أوقات الأزمات والقضايا المعقّدة، بحيث يتمنى المواطنون العاديون في كلّ مكان أو زمان، عند مطلع كلّ عام، بأن تكون الأيّام المقبلة أفضل، فإنّ هذا التفاؤل سرعان ما يتبخّر عندما يستيقظ المواطنون صبيحة اليوم التالي، بعد احتفالاتهم في الليلة السّابقة، ليجدوا أنّ كلّ شيء ما يزال على حاله.

أغلب فئات اللبنانيين إحتفلت مساء أمس بنهاية العام 2023، ولو “على قد بساطها”، وسهرت إلى ما بعد منتصف الليل مع دخول العام الجديد، 2024، أوّل أيّامه، في ظلّ آمال بتحسّن أوضاعها وانتهاء أو معالجة أزماتها، لكنّها إستيقظت صباح اليوم، سواء باكراً أو في وقت متأخّر، لتجد أنّ جميع الأزمات ما تزال على حالها، كما تركتها العام الماضي الذي انقضى قبل ساعات، وأنّ الآمال التي تعلّقت بها لم تكن سوى مجرد سراب عابر، وأنّ التفاؤل لم يكن إلّا محاولة يائسة للهروب من واقع صعب.

فالأزمات الإقتصادية والمالية والمعيشية التي تشدّ على خناق اللبنانيين للعام الرّابع على التوالي، ما تزال باقية، وكلّ عام يمرّ منذ ظهور هذه الأزمات في أعقاب اندلاع شرارة حَرَاك 17 تشرين الأوّل عام 2019، يكون أصعب من الذي سبقه، إلى حدّ وصلت فيه نسبة الفقر بين سكان لبنان إلى نحو 80 في المئة، وهي نسبة غير مسبوقة، وأضحت الهجرة الملاذ الوحيد للخروج أو الهروب من أزمات أثقلت كاهل الجميع.

سياسياً، لا مؤشّرات تدلّ على أنّ ثمّة مخارج تلوح في الأفق القريب لخروج البلد من أزمة الإنقسام السّياسي والشّلل في الإدارات العامّة والإهتراء والإنهيار الذي أصاب كلّ مؤسّسات الدولة تقريباً، خصوصاً بما يتعلق بإنهاء الفراغ الرئاسي المستمر منذ أكثر من عام و3 أشهر، ووضع حدّ للفراغ الذي تتسع دائرته في مؤسسات ومواقع أخرى، وإعادة إنتظام عمل الدولة من جديد، ولو على مراحل.

أمنياً، إفتُتح العام الجديد كما أُقفل العام الماضي على وقع الإعتداءات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني، في موازاة إستمرار جيش الإحتلال في عدوانه الغاشم على قطاع غزة وارتكابه المجازر البشعة هناك، لليوم الـ86 على التوالي، وسط مخاوف واسعة لم تعد خافية على أحد من أن يُقدم العدو الصهيوني على “مغامرة” لإخراج نفسه من المستنقع الذي وقع فيه، بنقل حربه العدوانية من قطاع غزة إلى جنوب لبنان، من غير أن تجد هذه المخاوف من يبدّدها أو أن يُخفّف منها على الأقل.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal