لبنان يُودّع عاماً ويستقبل آخر بـ”صفر” كهرباء!.. عبدالكافي الصمد

في نهاية العام الماضي، أيّ قبل سنة من الآن، خرج وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال وليد فياض على اللبنانيين ليطمأنهم عن وضع التيّار الكهربائي واعداً برفع عدد ساعات التغذية الكهربائية في البلاد من ثلاث ساعات يومياً إلى 12 ساعة، ومعلناً حينها عن سلسلة إجراءات سيتم إتخاذها لهذه الغاية، منها رفع التعرفة بحدود الـ60 ضعفاً عن السّابق، وربط سعرها بالدولار، وإضافة 20 في المئة من إجمالي الفاتورة، تجنباً لخسائر التضخم المستمر في العملة الوطنية.

لكن بعد مرور سنة على تلك الطمأنة والوعود التي لم يتحقق منها شيئاً، خرج الوزير فياض هذه المرّة على اللبنانيين ليطمئنهم بأنّ “شحنة الفيول ستصل الأسبوع المقبل في 27 أو 28 كانون الأوّل الجاري”، من أجل تشغيل معامل توليد الطاقة التي توقفت عن العمل بعدما فرغت خزّاناتها من الوقود، وتحديداً معمل دير عمار، ما أدخل لبنان في عتمة شبه شاملة وهو على أبواب موسم الأعياد.

وكالعادة، نفض المسؤولون جميعهم أيديهم من هذه الأزمة، ورمى كلّ طرف المشكلة على الآخرين، وكأنّ الأزمة وُلدت لوحدها ولم تكن نتيجة الكيدية السّياسية والفساد الذي يستشري في مرافق الدولة كافّة وعلى رأسها قطاع إنتاج الطاقة الكهربائية، وهو قطاع إستنزف قرابة 43 مليار دولار من مجمل ديون لبنان التي ناهزت 100 مليار دولار، لتكون النتيجة في نهاية المطاف “صفر” كهرباء.

هذا التراجع في التغذية بالتيّار الكهربائي لمسه المواطنون في الأيّام الأخيرة بعد تراجع ساعات التغذية من 6 ساعات يومياً إلى 3 ساعات أو أقل من ذلك وأحياناً إنقطاع التيار بشكل شامل، مثلما حصل مثلاً في بعض أحياء مدينة طرابلس التي خيّمت العتمة عليها أكثر من 3 أيّام خلال هذا الأسبوع، وترافق ذلك مع إنقطاع مياه الشرب عن منازل هذه الأحياء نتيجة توقف مضخات المياه عن العمل بفعل إنقطاع الكهرباء.

يأتي كلّ ذلك في وقت إرتفعت فيه فاتورة كهرباء الدولة أضعافاً تفوق قدرة أغلب اللبنانيين على دفعها نتيجة تراجع مداخيلهم وانهيار الليرة اللبنانية، بعدما تجاوزت تكلفة فاتورة مولّدات الكهرباء الخاصة، بسبب تركيبة فاتورة كهرباء الدولة التي تتضمن رسماً مالياً شهرياً ثابتاً للإشتراك بغض النظر عن ساعات التغذية وكميّة الإستهلاك، ما دفع كثيرين إلى الإستغناء عن عدّاداتهم إما بإلغائها أو توقيفها، أو قيام مواطنين بـ”سرقة” التيّار من خلال “التعليق” على الشبكة، على قاعدة “ما حدا أحسن من حدا”.

نتيجة هذا الواقع، وعلى بُعد أيّام من نهاية العام الجاري يُطرح السّؤال التالي: إذا كان الوزير فياض قد وعد اللبنانيين، قبل عام، بتأمين 12 ساعة تغذية يومياً وأوصلهم إلى العتمة، فكيف سيكون حالهم بعد سنة في ضوء وعده الأخير هذا العام؟


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal