قبل أسبوع من نهاية العام الجاري، 2023، وبدء العام الجديد، 2024، طُرحت عدّة أسئلة وبرزت تكهنات مختلفة حول مصير الأوضاع والأزمات في لبنان، وعلى رأسها ملف الإستحقاق الرئاسي، لجهة، هل سيُنجز في العام المقبل ويتم إنتخاب الرئيس الـ14 للبنان منذ الإستقلال؟، ومن سيكون هذا الرئيس؟، وما هي موازين القوى الداخلية والخارجية التي ستؤثر في انتخاب هذا الرئيس؟، أم أنّ الفراغ سيستمر مقيماً في قصر بعبدا؟
لا أجوبة واضحة بعد على مختلف التساؤلات المتعلقة بالإستحقاق الرئاسي، لأسباب متعدّدة، وربطاً بتطورات وتوقعات ما تزال غير واضحة المعالم، ويسودها إبهام كبير، من أبرزها ما يلي:
أولاً: ما تزال موازين القوى داخل المجلس النيابي على حالها، بين موالاة ومعارضة ومستقلين وتغييرين. إذ لم يستطع أيّ فريق، منذ الفراغ الرئاسي في 31 تشرين الأوّل من العام الماضي، أن يُرجّح كفّته على كفّة الفريق الآخر، أو يُحدث إنقلاباً في موازين القوى يدفع طرفاً معيناً على الإنتقال من ضفّة إلى أخرى، بعدما سقطت كلّ الرهانات على ذلك طيلة 12 جلسة إنتخابية عقدها المجلس النيابي، كان آخرها في 14 حزيران الفائت، وبقيت تراوح مكانها.
ومع أنّ البعض أبدى تفاؤلاً بأنّ يتم التوصّل إلى تفاهم وتقارب وتسوية تنهي الفراغ وتنتج إنتخاب رئيس جديد للجمهورية في العام 2024، فإنّ بعضاً آخر يبدي تشاؤماً حيال ذلك، ويستبعد حصول هذا الأمر في العام المقبل؛ لا بل يذهب في تشاؤمه إلى حدود أنّ المجلس النيابي الحالي لن ينتخب رئيساً، بعدما وصفه بأنّه “مجلس أزمة”، وأنّ هذه الأزمة لن تنتهي إلا بنهاية ولاية هذا المجلس صيف العام 2026.
ثانياً: رسم تمديد ولاية قائد الجيش العماد جوزاف عون لمدة سنة، في 15 كانون الأوّل الجاري، قبل انتهاء ولايته في 10 كانون الثاني المقبل، بارقة أمل لكثيرين بإمكانية أن ينسحب هذا التمديد لقائد الجيش في المجلس النيابي، بموجب قانون، على عقد مجلس النواب جلسة ينتخب فيها رئيساً ينهي من خلاله فترة الفراغ الممتدة منذ 30 تشرين الأوّل من العام الماضي، أيّ منذ سنة وشهرين.
غير أنّ آخرين يتوقعون العكس، ويرسمون صورة سوداوية للملف الرئاسي وللوضع في لبنان. إذ بدأ البعض يذهب في توقعاته حدود أن ينقضي العام المقبل الذي يطلّ على اللبنانيين بعد أيّام، من غير أن يشهد إنتخاب رئيس جديد، وأن تكون فترة الفراغ المقبلة الأطول في تاريخ لبنان، بعد فترة الفراغ التي أعقبت إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية الأسبق ميشال سلميان في 24 أيّار 2014، وامتدت سنتين وخمسة أشهر وستة أيّام، وانتهت بانتخاب الرئيس السّابق ميشال عون رئيساً في 31 تشرين الأوّل 2016.
ثالثاً: يدرك المعنيون في لبنان أنّ ملف الرئاسة كان دائماً ملفاً خارجياً، وأنّ القوى المؤثّرة في الواقع اللبناني، إقليمياً ودولياً، هي التي تنتخب رئيساً للبنان وليس المجلس النيابي الذي يكتفي بترجمة هذا التوافق الخارجي في صندوق الإقتراع. وهذا الخارج يبدو الآن منشغلاً بلمفات كثيرة أهم من الملف اللبناني، الذي وُضع على الرفّ لفترة زمنية لا يبدو أنّها ستكون قصيرة.
Related Posts