شكلت زيارة وزير الدفاع موريس سليم الى السراي الحكومي ولقائه مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي محاولة للحد من خسائر التيار الوطني الحر الذي بقي وحيدا في الميدان ساعيا وراء ضرب المؤسسة العسكرية التي تشكل صمام الأمان الأخير للبلاد والعباد.
الزيارة حملت عناوين كثيرة لجهة، تقديم وزير الدفاع ما يشبه الاعتذار الى ميقاتي عما قام به قبل فترة من رفع صوته في السراي وإعتُبر إساءة الى مقام رئاسة الحكومة، والتأكيد على احترامه الدائم لمقام رئاسة مجلس الوزراء وتقديره للرئيس ميقاتي وموقعه، إضافة الى الاعتراف بمرجعية رئيس الحكومة الذي يقوم مقام رئاسة الجمهورية، ومحاولة ربط نزاع معه خصوصا بعدما أدرك الوزير سليم ورئيس فريقه السياسي جبران باسيل أنهما غير قادرين على تعطيل مجلس الوزراء الذي يقوم بمهامه وفقا لمقتضيات الدستور.
كما أعادت الزيارة ترتيب بعض الأوراق، حيث يبدو أن التيار الوطني الحر بدأ يفهم حدود اللعبة، خصوصا أن التمديد لقائد الجيش العماد جوزيف عون قد تم في مجلس النواب ضمن جلسة تشريعية بأكثرية نيابية ووافقت عليه الحكومة بإجماع الوزراء الحاضرين وسط مباركة دولية وإقليمية جرى التعبير عنها بأكثر من طريقة، وبالتالي فإن الطعن الذي يهدد التيار بتقديمه الى المجلس الدستوري قد لا يصل الى النتيجة التي يرجوها.
كما يدرك التيار الوطني الحر أن تعيينات رئيس الأركان وعضويّ المجلس العسكري تسير على قدم وساق وستبصر النور مع بداية العام الجديد، إنطلاقا من الرغبة الداخلية والخارجية المشتركة في تعزيز إستقرار المؤسسة العسكرية إستعدادا للاستحقاقات المقبلة التي سيكون للجيش دورا كبيرا فيها.
وربما أدرك وزير الدفاع مورس سليم نفسه أنه لم يعد قادرا على تحمل الخسائر التي تلحق به نتيجة سياسة الانتقام التي يتبعها رئيس تياره جبران باسيل الذي تلقى خلال الأيام الماضية أكثر من صفعة سياسية، وبدأت قيادات تياره تشعر بالاحراج لما للجيش من مكانة لدى جمهوره البرتقالي خصوصا وفي الشارع المسيحي عموما، وهذا ما تنبّه له رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي دغدغ مشاعر هذا الشارع بموقفه المؤيد لتمديد ولاية قائد الجيش، وبالبروباغندا التي إعتمدها قبيل حصول هذا التمديد لرفع شعبيته مسيحيا على حساب باسيل الذي يقول متابعون أن “غلطته هذه المرة كانت بألف”.
لذلك، لم يجد وزير الدفاع سوى التجاوب مع وساطة زميله وزير الثقافة القاضي محمد وسام مرتضى الذي إصطحبه معه الى السراي الحكومي، حيث سارع الى القول بعد إجتماعه بالرئيس ميقاتي بأن “اللقاء كالعادة كان مفعما بجو الأخوة والصراحة والمودة، والاحترام المتبادل القائم بيننا على الدوام”.
وإذا كان الوزير سليم لم يعط جوابا شافيا حول تعيينات المجلس العسكري متهما الاعلام بأنه يقاربها بشكل مبتور، فإن المعطيات تشير الى أنه سيتعاون مع الحكومة في هذا الاطار.
لا شك في أن كل ما حصل كان نتاج الموقف الصلب للرئيس ميقاتي دفاعا عن هيبة ومقام رئاسة الحكومة، حيث أكد في الجلسة الأخيرة أنه لن يقبل أن تكون الحكومة مكسر عصا لأحد، ثم أكد خلال زيارته المطران إلياس عودة (المرجعية الدينية للوزيرسليم) بأنه “من غير المسموح التعرض لمقام رئاسة الحكومة من قبل أي كان”، وبذلك يكون ميقاتي قد رسم حدودا واضحة لكيفية التعاطي معه ومع حكومته.
Related Posts