يتحرك الملف الرئاسي في إتجاهات متعددة داخليا عبر “حوار الأيام السبعة” الذي دعا إليه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وخماسيا من خلال اللقاءات والاتصالات الجارية بين الدول المعنية لا سيما بين فرنسا والسعودية مصحوبا بالحراك القطري، والايحاءات الأميركية الايجابية، وإيرانيا التي تعتبر سادسة الخماسية خصوصا أن زيارة وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان تكاملت للمرة الأولى مع زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين ولم تكونا على طرفيّ نقيض، ما يؤكد أن المساعي التي تبذل لتقريب وجهات النظر الأميركية الايرانية في الملف الرئاسي اللبناني تسير على قدم وساق، معطوفة على تناغم في العلاقات الأميركية ـ الفرنسية وبالتالي فإن كل ما يُحكى عن خلافات أو تصفية حسابات بينهما لا يمت الى الواقع بصلة.
كل ذلك، يجعل كثير من المراقبين يبنون على الايجابيات التي تتمثل بتأييد الأكثرية النيابية للحوار، مقابل أقلية معارضة فشلت في التحشيد لتشكيل أوسع جبهة للوقوف في وجه مبادرة بري (كما سبق وأعلنت) الأمر الذي يدفعها الى رفع السقف السياسي وطرح جدليات، يبدو أنها ما زالت تستهوي التيار الوطني الحر الذي ما يزال يتأرجح بين تأييد الحوار ورفضه بحسب الشروط التي يضعها، في حين يفترض به أن يتخذ قرارا نهائيا حياله ليُبنى على الشيء مقتضاه، وإن كانت كل المؤشرات تقول بأن التيار سيشارك في الحوار خصوصا بعد الغطاء الذي منحته بكركي له والذي تطور بعد زيارة السفير السعودي وليد البخاري الى الديمان وترجم بالدعوة التي أطلقها مجلس المطارنة الموارنة للنواب للاسراع في إنتخاب رئيس للجمهورية.
ومن بين هذه الجدليات، الحديث عن أن الحوار يجب أن يكون بعد الانتخابات الرئاسية وبقيادة رئيس الجمهورية العتيد، في حين أنه لو كان هناك قدرة على التوافق لانتخاب رئيس لما لجأ أي فريق سياسي الى الحوار، لكن الواقع الذي يفرض نفسه وتركيبة مجلس النواب التي تمنع أي فريق من إيصال رئيس بمفرده، فضلا عن أن الخلافات ومحاولات تسجيل النقاط وتصفية الحسابات هي التي تفرض الدعوة الى الحوار الذي دعا إليه الرئيس بري مرات عدة، وكذلك دعا إليه المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان الذي لا ينطق عن الهوى بل ينسق مع اللجنة الخماسية ويتفذ رغباتها.
أمام هذا الوضوح في الاصرار على إتمام الاستحقاق الرئاسي في أيلول أو النصف الأول من تشرين على أبعد تقدير، لم يعد الفريق المعارض يمتلك القدرة على التصدي للحوار خصوصا أن أكثر من 90 نائبا تلقفوا دعوة الرئيس بري الذي أكد أن هذا الحوار من دون شروط ومن دون فيتوات وأن إتمامه سيفتح أبواب مجلس النواب أمام جلسات متتالية ومفتوحة حتى يصار الى إنتخاب رئيس.
لا شك في أن كلام بري أحرج المعارضة التي لم تعد تمتلك أي مبرر مقنع لمقاطعة الحوار سوى حفنة من الشعارات التي لا تسمن ولا تغني من حل للأزمة، كما فقدت إمكانية التعطيل أو إستخدام سلاح النصاب في الجلسات، ما يجعلها أمام خيارين، فإما أن تنفع الاتصالات التي ما تزال تجري معها لاقناعها بالانضمام الى طاولة الحوار وهذا أمر غير مستبعد لدى البعض، أو أن تعزل نفسها مرحليا وتعود مع إنطلاق العهد الجديد في حال أثمر الحوار عن إنتخاب رئيس لتشكل جبهة معارضة.
تشير المعلومات الى أن طاولة الحوار باتت جاهزة تحت قبة مجلس النواب، ما يؤكد أن التسوية قريبة وعلى الجميع قراءة المشهد السياسي بشكل جيد، قبل أن يجد نفسه خارج التسوية والمشهد معا.
Related Posts