تتكثف الاتصالات في طرابلس لمواكبة الاستحقاق البلدي ترشيحا وإقتراعا بهدف إيصال مجلس بلدي متجانس كفوء يفتح صفحة جديدة من العمل المنتج ويطلق مسيرة النهوض بالمدينة ويحافظ على خصوصيتها ويطوي كل ما سبق من صراعات وخلافات وشلل وتقصير دفعت الفيحاء ثمنهم غاليا من الاهمال والحرمان والتهميش والمزيد من الأزمات.
الكل في طرابلس متحمس للانتخابات البلدية والكل يرى في نفسه القدرة على العمل والتطوير، لكن حتى الآن لم يتبلور أي تحالف ولم تولد أية لائحة بالرغم من الاجتماعات والاتصالات الناشطة ولكن خلف الكواليس ومن دون ضجيج وفق قاعدة وتعاونوا على “قضاء حوائجكم بالكتمان”.
الثابت حتى الآن هو أن كل الجهود والاتصالات التي تبذل في هذا الاطار تصطدم بعدة عوائق أبرزها: الصراع على رئاسة البلدية التي يطرح كثير من المرشحين أنفسهم للوصول إليها، الفشل في إيجاد قواسم مشتركة تساعد على حصول إئتلاف أو توافق بين المرشحين، حيث تفرض الأنانية نفسها وهي ربما تقود إلى أربع أو خمس لوائح من شأنها أن تفضي إلى مجلس بلدي “من كل وادي عصا”.
في السياسة، ثمة تهيّب كبير من الانتخابات البلدية، ففي الوقت الذي أعلن فيه الرئيس نجيب ميقاتي عدم التدخل في تشكيل اللوائح لا من قريب ولا من بعيد ووقوفه على مسافة واحدة من جميع المرشحين وممارسة دوره كناخب ودعم المجلس البلدي المنتخب، ينقسم نواب المدينة بين التوجه نحو أحلاف غير واقعية وممنوعة من الصرف وغير مرغوب فيها طرابلسيا، وبين من يريد أن يدعم من تحت الطاولة لتجنب أي خسارة قد تنعكس عليه في المستقبل، وبين من يتابع عن كثب عملية تشكيل اللوائح من دون التدخل بها تمهيدا لإعطاء أصواته للائحة التي تلبي الطموحات والقادرة على إستمالة أصوات الطرابلسيين.
هذا الواقع، يجعل التأثير السياسي بعيدا نوعا ما عن الانتخابات البلدية، خصوصا أن التجربة الماضية من التدخلات السياسية لم تكن ناجحة لا من قبل الفريق الفائز ولا من الفريق الخاسر، واليوم الأمور تزداد سوءا خصوصا أن المنتصر في هذه الانتخابات قد يكون خاسرا أمام الامكانات الضعيفة للبلديات عموما وعدم قدرة الدولة على تمويل أية مشاريع، وضعف قدرات الصندوق البلدي المستقل، وغياب المنظمات الدولية المانحة التي أوقفت أعمالها بشكل شبه كامل، ما يعني أن الانتخابات البلدية لهذه الدورة ستبقى للمعنيين بها ولمن يهمهم الأمر فقط.
ومع إبتعاد السياسيين حتى الآن عن التدخل في الانتخابات بطرابلس، تنشط بعض الجمعيات الأهلية والانمائية والتجمعات والروابط والتيارات الدينية على هذا الخط، حيث تسجل بعض اللقاءات والاجتماعات التي ما تزال تبحث في الخطوط العريضة وعن الأسماء القادرة على تحمل المسؤولية البلدية وعدم العودة إلى تجارب سابقة أثبتت فشلها وإنعكست سلبا على طرابلس.
وفي هذا الاطار تسجل تحركات للمحاربين والعسكريين القدامى الذين يثبتون وجودهم في مجتمع المدينة وفي حراكها الاهلي والاجتماعي والمطلبي، ويسعون إلى نقل تجربتهم من خلال ممثلين عنهم إلى المجلس البلدي، ولجمعيات خيرية إنمائية تعمل على إعداد برامج عمل تسعى من خلالها لنيل ثقة الطرابلسيين، فضلا عن ناشطين في مجالات مختلفة إجتماعية، إقتصادية، رياضية، هندسية، طبية حقوقية وأهلية يجدون في أنفسهم القدرة على خوض غمار الاستحقاق البلدي.
وفي هذا الاطار أشارت معلومات إلى أن لقاء ضمّ عددًا من الفعاليّات الإسلاميّة، وبعض المستقلّين، تدارسوا فيه واقع الانتخابات البلديّة والاختياريّة في مدن اتّحاد الفيحاء، الذي يضمّ إلى طرابلس، الميناء والبدّاوي والقلمون، حيث تمّ التوافق فيما بينهم على توحيد الموقف، وبذل كلّ جهد ممكن لوصول مجالس بلديّة منسجمة، تعمل بروح الفريق، و تقدّم المصالح العامّة، على تلك الخاصّة، وترعى القيم الإنسانيّة، وتحارب الفساد والمحسوبيّة والزبائنيّة.
وتوافق المجتمعون على متابعة التطورات وتوسيع مروحة الاتصالات لانجاز هذا الاستحقاق الذي هو محطة أساسيّة. لاعادة الحيوية والفعالية للبلديات في المدن والمناطق والقرى اللبنانية.
كل الأنظار تتجه إلى يوميّ الخميس والجمعة المقبلين، حيث سيناقش مجلس النواب إمكانية تعديل قانون الانتخابات البلدية لجهة إعتماد اللوائح المقفلة في المدن الكبرى، وهذا من شأنه أن يضرب كل الجهود التي بذلت منذ بداية التحضيرات وأن يدفع جميع المرشحين إلى بداية جديدة من الاتصالات ومحاولات التوافق على لوائح متجانسة ومتفاهمة تتميز بالتوازن الطائفي والمذهبي لتمثيل كل مكونات المجتمع الطرابلسي في البلدية.