بعد الفوضى الأمنية التي شهدتها الحدود الشمالية برا وبحرا والتي تمثلت بدخول آلاف السوريين يوميا عبر المعابر غير الشرعية التي تربط لبنان بسوريا، وبعد ارتفاع الصرخة في القرى والبلدات الحدودية جراء الفلتان الأمني المتمثل بعمليات التسلل والسرقة، والقتل، والاشكالات الأمنية المتكررة، اتخذ الجيش اللبناني سلسلة إجراءات لجهة التشدد عند المعابر غير الشرعية. وتحديدا معابر: شهيرة، والكنيسة، إضافة الى معبر خط البترول، حيث تم توقيف أحد الرؤوس الكبيرة المتورطة في عملية الخطف والاتجار بالبشر والتهريب، وكانت وحدات من القوة الضاربة قد نفذت مداهمة صباحية لتوقيف أحد المطلوبين (خ،ع) حيث ضبطت بحوزته سلاحا حربيا وكمية من الذخائر حيث تم مصادرة سيارة رباعية الدفع.
على طول الشريط الحدودي، الأهالي ضاقوا ذرعا بالفوضى العارمة وبإستباحة المسلحين والمهربين للمنطقة. فوضى، إتجار بالبشر، عمليات خطف في وضح النهار، إشتباكات مسلحة، تصفية حسابات، قتل، إستباحة للممتلكات الخاصة، إدخال مئات السوريين بطرق غير شرعية وما يرافق رحلة العبور من مشقة وحوادث مؤسفة يكون ضحيتها الأطفال والنساء في أغلب الأحيان.
يكاد لا يمر يوم، في بلدات وادي خالد وتحديدا في المقيبلة، الهيشة، المصلبية، وحتى معبر حاويك على الحدود لجهة جبل أكروم، من دون عمليات تشبيح وخطف وتبادل إطلاق نار في الشوارع، إضافة الى إشكالات أمنية مع عشائر الهرمل التي حرص مشايخها على إصدار بيانات للتاكيد على أفضل العلاقات وإستنكار الأحداث الأمنية التي تحصل.
يلفت أحد فاعليات وادي خالد الى أن المنطقة الحدودية تضم عددا لا يستهان به من المطلوبين من مختلف البلدات الشمالية وتحديدا من طرابلس، وهؤلاء يعملون مع تجار وسماسرة من وادي خالد وآخرين من الجانب السوري، حيث يصار يوميا الى تأمين عبور ما يقارب الألف سوري عبر المعابر الترابية بين البلدين، ومع تساهل الجانب السوري تحولت الأمور الى تجارة مربحة، وهو ما مكن الآلاف من الريف الشمالي في إدلب ومن دير الزور والقامشلي، من دخول لبنان، ومعظم هؤلاء مطلوبون يتسللون عبر الحدود ويجولون في مختلف المناطق من دون أي رقابة، ولا يُستبعد أن يكون بعضهم مكلّفاً القيام بعمليات رصد أو ربما حتى عمليات أمنية.
بعد إرتفاع الصرخة، ودق ناقوس الخطر من قبل الوزارات المعنية، تحرك الجيش اللبناني الذي عمل على التشدد عند المعابر، وهذه الاجراءات من الجانب اللبناني ترافقت مع ضبط الحدود من الجانب السوري، والذي يشهد له بقدرته على الأمر لو أراد، إذ عمد الجيش السوري وعقب الأحداث الأمنية في العام 2011، من تزنير الحدود بالألغام لمنع تسلل المسلحين الى الداخل السوري وبالفعل تمكن من ضبط الحدود قبل أن يعود ويتراخى قبل عامين، ما سمح بداية بعودة الحركة التجارية بين البلدين قبل أن تتحول الأمور الى تجارة البشر والتهريب.
وفي هذا السياق، أسف الحاج حبيب ناصر الدين باسم عشائر الهرمل للحال الذي بلغته الأمور بين المنطقتين بسبب بعض التجار وما يجري من خطف، مؤكدا على العلاقات الاجتماعية التي تجمع بين آل ناصر الدين وأهالي وادي خالد.
من جهته أعرب رئيس بلدية العماير أحمد الشيخ عن أسفه لما يجري على الحدود، مؤكدا أن الوضع تحسن بشكل لافت بعد إتخاذ الجيش اللبناني إجراءات صارمة، ومنع دخول المتسللين، مشددا على أن الوضع إستقر أيضا في الجانب السوري مع الاجراءات التي إتخذها الجيش.
المنطقة التي إعتادت على الأحداث الأمنية المتلاحقة منذ العام 2011، تزامنا مع الحرب في سوريا، لم يكتب لها الاستكانة، إذ عانت بداية جراء القصف السوري المتكرر الذي طاول قرى وبلدات استخدمت لتسلل المجموعات المسلحة والتكفيرية الى الداخل السوري، وسقوط عشرات القتلى والجرحى أثناء محاولات الجيش السوري ضبط الحدود وتزنيرها بالألغام لمنع عمليات التسلل. ولاحقاً، مع عودة الأمن الى البلدات السورية المحاذية للقرى الشمالية، خرجت الأمور عن السيطرة كلياً على المقلب اللبناني. بعدما كان تهريب السلع، قبل الأزمة، مصدر عيش سكان معظم هذه المناطق، امتهن كثيرون تجارة البشر والممنوعات، في عمليات تجري في وضح النهار بتنسيق بين المهربين على جانبَي الحدود!
عمليات التسلل تتمدد وتتوسع لتشمل بلدات كانت تعد نوعا ما آمنة، ومنها بلدات: منجز، العوينات، رماح، القبور البيض.. وهي بلدات ذات غالبية مسيحية لم يعرف أبناؤها يوما الاتجار بالبشر أو السماح للمهربين بإستخدام أراضيهم، الا أن ما يجري لجهة تسلل السوريين بالمئات لا بل بالآلاف يوميا، بات يرعب أهالي تلك البلدات، الذين يرفعون الصوت لمنع هذه الظاهرة وتحييد أراضيهم عن الفوضى القائمة على الحدود ولكن من دون جدوى.
Related Posts