إلغاء شهادة البريفيه.. نكسة للتعليم الرسمي؟… عبد الكافي الصمد

ليس مفاجئاً فقط هو الوصف الذي يمكن إطلاقه على اتخاذ الحكومة يوم أوّل من أمس الأربعاء، إلغاء إمتحانات الشهادة المتوسطة “البريفيه” لهذا العام، بل إنّه قرار متسرّع وغير مسؤول، ولم يخضع للدراسة المفترضة من الجهات التربوية المعنية، عدا عن أنّه شكّل بشكل أو بآخر “فضيحة” من العيار الثقيل كون وزير التربية عباس الحلبي، وهو الوزير المعني مباشرة بالموضوع، لم يكن حتى قبل 15 ساعة من إجتماع الحكومة، على علم بالقرار الذي اتخذ من خارج جدول الأعمال، ولم يستغرق إتخاذه أكثر من 5 دقائق.

عنصر المفاجأة أكّده الحلبي يوم أمس، ولفت إلى أنّ “الوزارة كانت أتمت إستعدادها وهي على جهوزية تامّة لإجراء الإمتحانات في 6 تموز المقبل، من تأمين مراكز الإمتحانات، والأساتذة المراقبين والمصححين، وفرق إعداد الأسئلة، والإعتمادات المالية، وتأمين دعم بالدولار الأميركي من الجهات المانحة”، مضيفاً أنّه “لو لدينا علم سابق، لما كنّا أنهكنا الإدارة والنّاس بالترشيحات وتدفيعهم بدل بطاقة الترشيح، ولا كنّا أنجزنا كلّ هذه التحضيرات”، وواصفاً القرار بـ”الإرتجالي”.

لكنّ التبرير الذي اتخذ لإلغاء إجراء الإمتحانات هذه السنة، من دون أيّ اعتبار تربوي، أنّ القوى الأمنية قد تكون غير جاهزة لتأمين هذه الإمتحانات، ما طرح أسئلة عن مصير شهادة الثانوية العامة، وشهادات التعليم المهني والتقني، وهل يتخذ التبرير ذاته لإلغائها أيضاً، لأنّ القوى الأمنية لن تكون مهمتها “قمع تظاهرات” أو “منع تنظيم تحركات إحتجاجية”، بل يتم الإكتفاء بوجود عنصر أو عنصرين أمام مدخل كل مركز إمتحانات.

قرار إلغاء شهادة “البريفيه” طرح أسئلة لم تجد أيّ أجوبة عليها، من أبرزها:

أولاً: إذا كانت الحجّة هي عدم جهوزية القوى الأمنية، وفق وزير الداخلية، فكيف يمكن تفسير مواقفه قبل أشهر معدودة فقط، عندما كان يصرّ على إجراء الإنتخابات البلدية والإختيارية في موعدها، رافضاً أيّ تأجيل، وكان يقول بأنّ وزارته جاهزة لإجرائها، برغم أنّ الإنتخابات المحلية تشهد في العادة تشنجاً وتوتراً عالياً، لا تشهده عادة الإمتحانات الرسمية.

ثانياً: هل كان هناك تواطؤاً بين جهات سياسية لإلغاء الإمتحانات، خصوصاً أنّ بعض الوزراء ممّن أيّد الإلغاء فعل ذلك لتخفيف التوتر عن أبنائهم وأقاربهم، ذلك أنّه لا يمكن تبرير أنّ القرار اتخذ فجأة من خارج جدول الأعمال بقدرة قادر.

ثالثاً: أين ستصرف الأموال المرصودة للإمتحانات، وما مصير الأموال المرصودة للإمتحانات الآتية من جهات مانحة، وهل ستستمر هذه الجهات في دعم شهادة الثانوية العامة والتعليم الرسمي، أم أنّها ستفقد الثقة بأجهزة الدولة كافّة.

رابعاً: في ضوء النكسة التي تعرض لها التعليم الرسمي خلال العام الدراسي الذي انتهى للتو، ثمة مخاوف من أن يكون ذلك مقدمة لضرب التعليم الرسمي وصولا للإجهاز عليه، وأن يصبّ كلّ ذلك في مصلحة التعليم الخاص.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal