الإنفراجات مؤجّلة ومساعي الحلّ تراوح مكانها… عبد الكافي الصمد

لا مؤشّرات توحي أنّ إنفراجاً ما، سياسياً أو مالياً، ستشهده السّاحة المحلية في المرحلة المقبلة، خصوصاً الصيف الحالي، بعدما أوحت تصريحات ومواقف مختلفة بأنّ الملفات كافّة، خصوصا الإستحقاق الرئاسي، مؤجّلة حتى الخريف المقبل على أقلّ تقدير، وأنّ “ستاتيكو” ليس قصيراً سيخيّم على السّاحة اللبنانية، إلّا إذا طرأ أمر ما.
هذا الإنطباع تكوّن نتيجة معطيات عدّة سُجّلت في السّاعات والأيّام القليلة الماضية، من أبرزها ما يلي:
أولاً: إنتهت جلسة 14 حزيران الجاري إلى ما انتهت إليه وصار معروفاً، وأكّدت ما أسفرت عنه الجلسة الـ12 التي يعقدها مجلس النوّاب لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، من أنّ التوازن القائم في مجلس النواب ليس بمقدور أحد طرفي الصراع أن يكسره أو أن يحسم التنافس على مقعد الرئاسة الأولى لصالحه، بانتظار تسوية داخلية ليس حتى الآن متوافرة عناصرها، وكلمة سرّ خارجية لم تأتِ بعد.
ثانياً: برغم إقتراب ولاية حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من نهايتها أواخر شهر تمّوز المقبل، فإنّ أيّ مؤشّر لتعيين خلف له ليس واضحاً بعد، في ضوء الإنقسامات السياسية التي تعيق حكومة تصريف الأعمال الحالية عن القيام بهكذا خطوة، وهو فراغ إذا تُرك بلا قيام السّلطات بأن تعمل على ملئه، فإنّه ينذر بأنّ فراغاً آخر سيطال قيادة الجيش، ذلك أنّ ولاية قائده الحالي جوزاف عون تنتهي أواخر هذا العام، وهو فراغٌ إذا ما ترجم حصوله على أرض الواقع ـ مالي وعسكري يؤكّد بأنّ التسوية السياسية ما تزال بعيدة، وأنّ الأزمة بشكل عام قد دخلت نفقاً طويلاً، وأنّ المراوحة ستكون سمة المرحلة المقبلة.
ثالثاً: تركت جولة الموفد الرئاسي الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان، منذ أيّام، إنطباعاً أنّه غادر لبنان كما جاء إليه، فارغ اليدين. فكما أنّه أتى لا يحمل أيّ طرح أو حلّ أو صيغة ما، بل كان مستمعاً أكثر منه متحدثاً، غادر من غير أن يترك أيّ أمل أو بادرة بأنّ الإستحقاق الرئاسي قد وُضع على السكّة. وما قوله أنّه سيعود لاحقاً حاملاً معه صيغ حلول وتسويات سوى تأكيد على أنّه سيراجع المعنيين في الخارج بالملف اللبناني، في فرنسا وغيرها، الذي يملكون مفاتيح الحل للإستحقاق الرئاسي.
رابعاً: لم يكن مفاجئاً أن يعود التراشق السياسي والإعلامي بين الثنائي المسيحي، التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، إلى البروز مجدّداً بعد جلسة 14 حزيران، والفشل الذي مُني به الطرفان وبقية أطراف المعارضة، بعجزهم عن جمع أكثر من 59 صوتاً صبّت لصالح مرشّحهم الرئاسي وزير المالية السابق جهاد أزعور، وكانت أدنى من المتوقع، حيث بدا كما كان متوقعاً بأنّه “مرشح جلسة واحدة”، كما نُقل عن الزعيم الدرزي وليد جنبلاط قوله عنه، مقابل تثبيت رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية قدميه بقوة على الطريق في السباق نحو قصر بعبدا، بعدما منحته جلسة 14 حزيران أفضلية ملحوظة على غيره من المرشحين، الذين يتوقع أن يسقطون تباعاً، مقابل إحراز فرنجية تقدماً ليس متاحاً لسواه، نظراً لافتقادهم أيّ مشروع سياسي جدّي يمكن التعويل عليه، أو دعم وثبات حلفائهم.


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal