كثيرون كانوا يعوّلون على جلسة الإنتخاب التي حدّدها رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي في 14 حزيران الجاري لإخراج إستحقاق إنتخابات رئاسة الجمهورية من الجمود الذي يخيم عليه، وإنهاء الفراغ في كرسي الرئاسة الأولى في قصر بعبدا الذي مضى عليه أكثر من ثمانية أشهر ونصف.
لكنّ خيبة أمل كبيرة مُني بها هؤلاء وأغلبية اللبنانيين، بعدما تبيّن أنّ الدّخان الأبيض لم يخرج من ساحة النجمة (مقرّ مجلس النوّاب)، وأنّ الجلسة قد عبّرت أكثر من أيّ وقت مضى عن إنقسام حاد بين الكتل النيابيّة والقوى السياسيّة داخل المجلس النيابي، وأنّ أيّ فريق، سواء الداعم لرئيس تيّار المردة سليمان فرنجية أو المؤيّد لوزير المالية السّابق جهاد إزعور غير قادر بمفرده على حسم الأمور لصالحه بلا “توافق” سياسي داخلي ليس متوافراً حتى الآن، و”تفاهم” خارجي بين القوى المؤثّرة في الدّاخل اللبناني، وهو تفاهم لم تأتِ “كلمة السّرّ” الخاصّة به بعد.
خيبة الأمل المذكورة جعلت المخاوف تتزايد من تداعيات الإستحقاقات الداهمة التي اقتربت مواعيدها وباتت على الأبواب، من غير أن يلوح في الأفق أيّ مخرج لها، وأوّل هذه الإستحقاقات هو تعيين خلف لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة الذي تنتهي ولايته في أواخر شهر تمّوز المقبل، وقائد الجيش اللبناني العماد جوزاف عون الذي تنتهي أيضاً فترة ولايته في أواخر العام الجاري.
كلّ ذلك أدّى إلى رفع نسب المخاوف في مختلف الأوساط بلا استثناء من أن يؤدّي الفراغ في سدّة رئاسة الجمهورية إلى فراغ آخر في حاكمية المصرف المركزي وفراغ مماثل على رأس المؤسّسة العسكرية، ما سيجعل لبنان يغرق ـ للمرّة الأولى منذ نشأته قبل قرن ونيّف من الزمن في فراغ سياسي ومالي وعسكري يجعل مستقبله ومصيره على كفّ عفريت.
وسط هذا الكمّ من المخاوف برزت تساؤلات عدّة، أبرزها، هل أنّ إنسداد الأفق على هذا النحو سوف يستمر طويلاً؟، وهل فعلاً ليس ثمّة مخارج واقتراحات حلول فعلية من أجل إنهاء أزمات لبنان وملء الفراغ المتدحرج في البلاد من مؤسّسة إلى أخرى مثل كرة الثلج؟
المؤشّرات الأولية المتوافرة تجيب بالنفي، بالرغم من أنّ البعض يضع آمالاً ما، ولو بسيطة، على ما يمكن أن يحمله موفد الرئيس الفرنسي الخاص إلى لبنان جان إيف لودريان في جعبته من إقتراحات حلول، وما يمكن أن يفعله في تقريب وجهات النظر بين المختلفين، بالرغم من أنّ أجواء أخرى لا تبدي أيّ تفاؤل، وتعتبر أنّ الموفد الفرنسي يحمل على عاتقه مهمّة أكبر من الدور الهامشي المنوط بفرنسا.
Related Posts