“اغتصاب وقتل جماعي”… هذا ما يحصل في السودان

قالت شبكة “سي إن إن” الإخبارية إنها حصلت على شهادات ومقاطع مصورة ومعلومات استخبارية تظهر ارتكاب قوات الدعم السريع بقيادة حميدتي المدعومة من مجموعة مرتزقة فاغنر الروسية فظائع بحق المدنيين في السودان، وخاصة في دارفور، بينها عمليات قتل واغتصاب جماعي.

في البداية تنقل الشبكة عن شاهدة عيان تدعى بثينة نورين التي كانت تحاول الهروب من تصاعد أعمال العنف في دارفور باتجاه تشاد المجاورة.

تقول نورين إن عناصر من قوات الدعم السريع وميليشيات موالية لهم في دارفور أقاموا نقاط تفتيش على طول الطريق المؤدي لتشاد وكانوا يطلبون من الجميع مبالغ مالية مقابل السماح لهم بالمرور.

كانت بثينة في سيارة مليئة بالنساء والأطفال في طريقها للعبور لتشاد وإلى جانبها امرأة حامل رفقة أطفالها تدعى فاطمة، عندما أوقفتهم نقطة تفتيش تابعة لقوات الدعم السريع لا تبعد كثيرا عن الحدود.

تقول بثينة إن المقاتلين طلبوا من فاطمة مبلغا من المال مقابل العبور، لكنها أبلغتهم أنها أنفقت كل ما تملك على نقاط التفتيش السابقة.

وتضيف أن “عناصر نقطة التفتيش أطلقوا عليها النار على الفور، حيث اخترقت إحدى الرصاصات رأسها وخرجت من الجانب الآخر”.

ووفقا للشبكة فإن قصة فاطمة هي مجرد مثال واحد على الفظائع التي ترتكبها قوات الدعم السريع في دارفور، حيث انتشرت طريقة الابتزاز الوحشية هذه في المنطقة، بحسب عشرات الشهود الذين تحدثوا عن حوادث مماثلة.

وتبين الشبكة أن مجموعة متزايدة من الأدلة، بما في ذلك الروايات المباشرة وشهادات الخبراء ومقاطع الفيديو التي تم التحقق منها على وسائل التواصل الاجتماعي، تشير إلى أن قوات الدعم السريع أعادت إحياء التكتيكات التي استخدمتها سابقا في دارفور وأدت لعمليات قتل ممنهجة، وكذلك صدرتها إلى أجزاء أخرى من السودان.

دعم فاغنر

تقول الشبكة إن الاهتمام والتأثير والدعم المادي لمجموعة فاغنر الروسية شبه العسكرية سيئة السمعة في المنطقة ساهم كذلك في تفاقم أعمال العنف.

وتؤكد أن مسؤولي مخابرات وشهود عيان في نقاط العبور الرئيسية وتحليلات مفتوحة المصدر، تشير إلى أن مجموعة فاغنر بتقوم بتسيلح قوات الدعم السريع باستخدام طرق الإمداد التي تمر عبر منطقة دارفور.

وتنقل الشبكة عن مسؤول استخباراتي غربي القول إن “ما لا شك فيه هو دور فاغنر في ذلك، فقد كانت تزود قوات الدعم السريع بالأسلحة والإمدادات عبر دارفور”.

وأضاف مصدر استخباراتي آخر نشط في المنطقة أن “قوات الدعم السريع تتبع طريقة عمل فاغنر المتمثلة بخلق الفوضى والاستيلاء على السلطة”.

وكشف تحقيق لشبكة “سي إن إن” امتد لأشهر عن زيادة في الإمدادات التي تقدمها مجموعة فاغنر لقوات الدعم السريع وبدأت في الفترة التي سبقت اندلاع الصراع في السودان.

تقول الشبكة إن “الأسلحة نُقلت إلى السودان عبر نقاط عبور رئيسية، منها القاعدة الجوية والبحرية الروسية في منطقة اللاذقية الساحلية السورية وقواعد فاغنر في ليبيا ومطار بانغي في جمهورية إفريقيا الوسطى وكذلك عبر طرق برية”.

تطهير عرقي

أدى الانقطاع شبه التام في الاتصالات السلكية واللاسلكية في دارفور إلى الاعتماد على اللاجئين الوافدين حديثا من أجل الحصول على معظم المعلومات المتعلقة بأعمال العنف التي تحدث في المنطقة.

تقول الشبكة إن التقارير حول الفظائع التي ارتكبها مقاتلو قوات الدعم السريع والميليشيات المتحالفة معهم، والتي تم تحديدها بوضوح من خلال زيهم الرسمي، تتطابق عبر عشرات الشهادات.

وتشمل هذه الفظائع، عمليات القتل التعسفي والتدمير الشامل للبنية التحتية المدنية الحيوية ونهب المنازل والمستشفيات وحتى الاغتصاب الجماعي.

يقول حسين حران وهو ناشط حقوقي كان في مدينة الفاشر بدارفور عندما اندلع القتال قبل أن يلوذ بالفرار إلى الجنينة ومن ثم إلى تشاد: “رأيت آثار إحراق مراكز النازحين وشاهدت قوات الدعم السريع تداهم المساكن”.

ويضيف حران، الذي يعمل في المبادرة الإستراتيجية للنساء في القرن الأفريقي، أن المستشفيات كذلك تعرضت للنهب “في مستشفى أبحاث الجنينة، سرقوا بنك الدم، وسفكوا الدماء في جميع أنحاء الشارع”.

ويتابع أن “الطريقة الوحيدة التي يمكنني بها شرح ذلك هي أنهم لا يريدون ترك قطرة دم للأفارقة من أصل أفريقي [الذين يدّعون عدم وجود أصل عربي] يتلقون العلاج في المستشفى. وأضاف: “هذا مشروع تطهير عرقي”.

وكان الجيش السوداني قال الخميس إن قوات الدعم السريع اختطفت وأعدمت محافظ غرب دارفور خميس أبكر. ونفت قوات الدعم السريع مسؤوليتها عن القتل وألقت باللوم على “الخارجين على القانون” دون تقديم مزيد من التفاصيل.

ومع ذلك تشير الشبكة إلى أنه يكاد يكون من المستحيل التحقق من بعض الادعاءات أثناء القتال النشط، لكن صور الأقمار الصناعية من المنطقة ترسم صورة واضحة.

فقد تم إحراق ما لا يقل عن ثلاث مدن و10 بلدات وقرى في دارفور جزئيا وسويت بالأرض في الشهر الماضي وحده.

ووفقا لصور الأقمار الصناعية التي نشرتها “سي إن إن” فقد احترق سوق أغذية واحد على الأقل في الجنينة، التي تستضيف أكثر من 100 ألف نازح داخليا بسبب أعمال العنف على مدى العقدين الماضيين.

كما أضرمت النيران في مدرسة تحولت إلى مركز للنازحين داخليًا في المدينة ذاتها.

وتشير الشبكة إلى أن العديد من الأشخاص الذين تمت مقابلتهم أكدوا أن قوات الدعم السريع باتت أكثر جرأة وأفضل تسليحا مقارنة بالسابق.

اغتصاب في وضح النهار

كانت عمليات الاغتصاب الجماعي من السمات الأخرى للانتهاكات التي ارتكبتها ميليشيا الجنجويد (قوات الدعم السريع حاليا) في دارفور في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

تم توثيق حصول هذه العمليات على نطاق واسع من قبل الخبراء وجماعات حقوق الإنسان. ووفقا لشهادة شهود عيان فقد عاد هذا التكتيك الوحشي بقوة مجددا.

وتنقل الشبكة عن المديرة الإقليمية للمبادرة الاستراتيجية للنساء في القرن الأفريقي هالة الكارب القول إن “استراتيجية اغتصاب النساء استخدمت على نطاق واسع من قبل قوات الدعم السريع في دارفور لإذلال السكان الأصليين لمدة 20 عاما”.

وتضيف أن “الجانب المحزن حاليا هو أنهم أصبحوا مرتاحين للغاية لأنه لم تتم محاسبتهم على أفعالهم”.

منذ بدء الصراع الأخير، أكدت منظمات حقوقية وخبراء حصول عشرات حوادث الاعتداء الجنسي، بما في ذلك الاغتصاب الجماعي والاعتداء على القاصرات، معظمها حصلت في دارفور.

وقالت الأمم المتحدة إنها تلقت تقارير عن اعتداءات جنسية على العاملين في المجال الإنساني في المنطقة.

في أواخر مايو، سجلت وحدة مكافحة العنف ضد المرأة التابعة للحكومة السودانية ما لا يقل عن 36 حالة اعتداء جنسي في العاصمة السودانية و 25 حالة في دارفور، 18 منها ارتكبها رجال يرتدون زي قوات الدعم السريع.

لكن نشطاء سودانيين يؤكدون أن حالات الاعتداءات ربما تكون أكثر انتشارا، ففي إحدى الحالات التي وصفتها المبادرة الاستراتيجية للنساء في القرن الأفريقي، تم اختطاف 24 امرأة وفتاة في فندق في جنوب دارفور وتعرضن للاغتصاب بشكل متكرر لمدة ثلاثة أيام.

تقول المبادرة إن أكبر امرأة كانت تبلغ من العمر 56 عاما وأصغرهن تبلغ 14 عاما فقط.

كما وردت أنباء عن وقوع عمليات اغتصاب في العاصمة الخرطوم، حيث استولت قوات الدعم السريع مرارا على منازل المواطنين وطردت السكان ونهب ممتلكاتهم، وفقا للشبكة.

وفي مقطع فيديو تقول “سي إن إن” إنها تحققت منه، شوهد مقاتل وهو يغتصب امرأة في الفناء الأمامي لمنزل في الخرطوم بينما يقف آخر، يرتدي زي قوات الدعم السريع، في الخارج وهو يراقب.

وفي تسجيل صوتي حصلت عليه الشبكة من المبادرة الاستراتيجية للنساء في القرن الأفريقي بشأن حادثة مماثلة أخرى، قالت امرأة في الخرطوم إنها أُجبرت على مشاهدة ابنتيها الصغيرتين تتعرضان للاغتصاب من قبل مقاتلي قوات الدعم السريع.

وفي بيان أرسلته للشبكة نفت قوات الدعم السريع بشدة مزاعم الاغتصاب والقتل التعسفي واستهداف البنية التحتية المدنية، واتهمت الجيش السوداني بـ “القصف العشوائي” للمدنيين وزعمت أن زي قوات الدعم السريع الذي يرتديه الجناة كان “مزيفا”.

وجاء في البيان أن “قوات الدعم السريع تتمسك بالقانون الدولي وتكرس نفسها لحماية السودان”، مضيفة أن “أي أفعال تتعارض مع هذا المبدأ لا تعكس قيمنا، ونحن ملتزمون بضمان محاسبة أولئك الذين ينتهكون القانون”.

كذلك نفت قوات الدعم السريع وجود أي صلات لها بمجموعة فاغنر.

(الحرة)


Related Posts


Post Author: SafirAlChamal