مرحباً بكم في جمهورية “جهنم” الجمهورية اللبنانية سابقاً. إليكم آخر الأخبار:
سياسياً، تتربع النكايات على عرش التعاطي بين مختلف الافرقاء، فتتعطل الجلسات التشريعية إمّا بحجة فقدان الميثاقية او عدم اكتمال النصاب لسبب او لآخر، فيتأخر انتخاب رئيس يملأ الشغور الرئاسي. والامر عينه ينسحب على جلسات حكومة تصريف الاعمال التي وإن لم تتعدّ عدد أصابع اليد منذ بدء الشغور الرئاسي حتى اليوم، غير ان البعض، وتحقيقاً لمآرب شخصية وتسجيل مواقف شعبوية لا تسمن ولا تغني، يقاطعها غير آبه لأهمية تسيير شؤون الناس الحياتية في هذا الظرف الدقيق والحرج الذي تمر به البلاد.
اقتصادياً، لقد بات معظم المواطنين يعيشون تحت خط الفقر بدرجات نظراً لما آلت اليه الأحوال منذ بدء الازمة الاقتصادية في العام ٢٠١٩. كل هذا وسط موجة من الإضرابات تشلّ القطاع العام بمختلف مرافقه، يخفت وهجها عند تلقي الموظفين وعوداً بالحلحلة، لكنهم سرعان ما يدركون انهم كانوا ضحية كذب السلطة فيعودون الى الاعتكاف.
وحده “الدولار” سيّد الكل. فمن الارتفاع الجنوني للعملة الخضراء امام الليرة اللبنانية، الى دولرة أسعار السوبرماركت ومختلف المحلات التجارية، يجد اللبناني نفسه رهينة جشع التجار الذين يستغلون ندرة توافر العملة الأجنبية بيد الشارين فيحتسبون دولار بضائعهم على سعر صرف اعلى بخمسة او عشرة آلاف ليرة من سعر السوق الموازية.
كل هذا وسط غياب تام لأية حلول او مقترحات اقتصادية سواء من الوزارات المعنية او من المصرف المركزي، الذي لا يزال يرفع يومياً سعر العملة الخضراء على منصة صيرفة، فينضم بدوره الى نادي المضاربين على العملة الوطنية ويساهم في زيادة تدهورها.
ومن الاقتصاد الى الاجتماع، حيث يكاد لبنان ان يكون البلد الأول عربياً من حيث عدد حالات الانتحار، الامر الذي لم يعد مستغرباً مع تراجع القدرة المعيشية للسكان الذين باتوا غير قادرين على تأمين لقمة عيشهم.
وأسوة بباقي القطاعات، لم تغب الازمة عن القطاع الصحي، فباتت معظم الادوية مفقودة وان تواجدت فإن سعرها خيالي، فيما التغطية الصحية للمؤسسات والجهات الضامنة شبه معدومة. حتى صرنا نسمع يومياً بحالات وفاة بسبب نقص الادوية او عدم وجود طبيب او لان هذا المستشفى او ذاك رفض استقبال المريض لعدم حيازته كامل المبلغ المطلوب لطبابته.
وإذا ما اردنا ان نكمل التعداد فلن ننتهي. فلبنان، هذا البلد الصغير الذي كان مستشفى الشرق الأوسط، ومحجة العلماء والمثقفين وأصحاب الاستثمارات، بات اليوم على طريق الاندثار. معظم الشباب وأصحاب الكفاءة والاختصاص غادروا الى الخارج علهم يجدون حياة تليق بهم، ومن لم يستطع الى الهجرة سبيلا لا يزال يكافح منتظراً ان تتسنى له فرصة الرحيل.
وفيما المسؤولون يعيشون في “لالا لاند” كل على طريقته، متناسين انهم امام مسؤوليات جسام تستوجب تحركاً سريعاً قبل ان تغرق السفينة اللبنانية بمن فيها، لم يعد هناك من حلول سوى الصلاة، عسى ان يمنّ الله على الشعب بمعجزة تغيّر الأحوال.
تصبحون على… “وطن”ّ!
Related Posts