لا تزال البلاد تعيش على صفيح ساخن يشتد حماوة يوماً بعد يوم، لا سيما مع استمرار سعر صرف الدولار بالتفلت من دون رادع او مسبّب، في وقت أضحت فيه السجون قنبلة موقوتة على أهبة الانفجار مع تدهور أوضاع نزلائها على مختلف المستويات وسط غياب تام لأي حس بالمسؤولية من قبل المعنيين، يستمر اهل السلطة في لعبة شد الحبل كل الى طرفه وكأن امامهم متسع من الوقت كاف لحلّ الازمة السياسية.
هذه الأزمة ازدادت تعقيداً مع بروز الجدل المستجد حول ميثاقية انعقاد جلسة تشريعية هدفها التمديد لرؤساء الاجهزة الأمنية. وبمعزل عن المعلومات المتداولة حول رفض قائد الجيش العماد جوزيف عون التمديد له اذ انه وبحسب القانون تنتهي ولايته في الأول من كانون الثاني 2024، وربط بعض النواب حضورهم الجلسة بشرط التمديد للمدير العام لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان، تبقى الكلمة الأخيرة للقانون.
وبحسب الخبير الدستوري الدكتور سعيد مالك فإنه “من الثابت ان أي مشروع يهدف الى التمديد لقادة امنيين بالاسم مخالف للمبادئ القانونية العامة التي تفرض ان يكون التشريع عاماً وليس خاصّاً لمصلحة اشخاص”.
ويضيف “ما يحصل اليوم حول هذا الموضوع هو التفاف على القانون سيما وانه، أي القانون، قد حدد مهلاً للتقاعد وبالتالي ليس بالإمكان التحايل على هذه المواد بتمديد لاشخاص امنيين او اداريين مهما علت رتبتهم او موقعهم”.
ويلفت الى ان “تعيين قادة الأجهزة الأمنية هو من اختصاص السلطة التنفيذية أي الحكومة وليس السلطة التشريعية. أي انه لا يمكن لمجلس النواب ان يلتف على الحكومة ضمن اطار منعها من ممارسة حق في التعيين بعد انقضاء مهل التقاعد. فهذا الامر يعتبر ضرباً لقاعدة الفصل بين السلطات (التشريعية والتنفيذية)”.
الى ذلك تتعمق المعاناة بسبب اعتماد بعض الافرقاء مبدأ النكد السياسي ووضع الشروط المسبقة، لا سيما من قبل التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية اللذين يصرّان على تعطيل عمل البرلمان طالما انه لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية. هي سياسة “الانا” او لا احد يستمر التيار البرتقالي بانتهاجها حتى في عز الازمة الاقتصادية التي يشتد خناقها يوماً بعد يوم.
كل ذلك وسط رسالة خارجية تحمل في طياتها تهديداً نقلها سفراء الدول الخمس الى كل من رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي مفادها بأننا “قد نضطر ال إعادة النظر بالعلاقات بين دولنا ولبنان في حال لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية في اسرع وقت”.
يقول المثل “اشتدي ازمة تنفرجي” فهل يكون ما نشهده من تضييق للخناق من الاقتصاد الى السياسة والامن مدخلاً الى اتفاق الافرقاء على اسم رئيس للجمهورية يكون قادراً على اجتراح حلول تنقذ البلاد ام ان الانحدار الى ما دون القعر سيبقى سيد الموقف؟..
Related Posts