من المؤكد ان كل من تابع مشاهد الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا وحجم الدمار وأعداد الضحايا وأعمال الإنقاذ قد تحركت انسانيته وتمنى لو يتمكن من المساعدة على قدر قدرته ومعرفته وامكاناته ولكنه ايضاً تمنى ان يبتعد هكذا كأس عنه وعن عائلته وعن وطنه الذي لم يعد ينقصه الا الزلزال ليصبح زواله امراً واقعاً.
ماذا لو طالنا الزلزال؟ سؤال لطالما تردد أمس بين المواطنين الذين تنفسوا الصعداء بعد ليلة رعب عاشوها بفعل الهزة القوية التي استمرت لثوان، والتي لو طالت اكثر وبالقوة نفسها ربما لكانت الاضرار هائلة ولسقط ضحايا بالعشرات وربما المئات.
نعم.. ماذا لو طالنا الزلزال؟ سؤال وجيه في بلد يعيش نقصاً في الادوية والمستلزمات الطبية ونقصاً بالمعدات والاجهزة اللازمة لرفع الركام وانتشال الضحايا من تحت الانقاض وهذا ما لمسناه خلال كارثة مرفأ بيروت، وما نلمسه يومياً امام كل ازمة تطالنا حيث سوء الادارة سيد مؤسسات الدولة وحيث غياب التنظيم وترشيد العمل يغلب على ما عداه، ناهيك عن نقص السيولة وشلل معظم الوزارات الخدماتية.
نعم، ماذا لو ضربنا زلزال؟ ومن الممكن ان يحصل هذا الامر، لان لبنان يقع على خط الزلازل وفيه عدة فوالق، وهو تعرض سابقاً لزلازل مدمرة، فهل ستميز الاضرار ساعتها بين مواطن واخر او بين سني وشيعي ومسيحي ودرزي او بين مواطن ومسؤول او بين بيت متواضع او بناء شاهق وقصر شامخ؟
من المؤكد ان الجواب كلا، والكل سيكون سواسية أمام كارثة بهذا الحجم وهذه الضخامة في بلد تلهى القيمون عليه بالمناكفات وبتغليب مصالحهم على ما عداها بدل بناء دولة قادرة وقديرة.
أربعون ثانية كانت كفيلة لاحداث هزة في كيان كل واحد منا وكلنا تضرعنا لرب واحد اوحد، انما على ما يبدو هذه الخضة كانت ايضاً لثوان معدودة حيث ما ان مضى الخطر حتى “عادت حليمة لعادتها القديمة“ وعدنا الى التراشق والاتهامات وكأن شيئاً لم يكن وكأن الدنيا بالف خير، وبدل ان تكون الهزة بداية لمراجعة الذات والسير في طريق يجمع بدلاً من أن يفرق يبدو اننا مقبلون على هزات أخرى ومن نوع آخر وشكل آخر في بلد يعيش فراغاً في موقع الرئاسة الأولى واختلافاً في الرأي حول صلاحيات حكومة تصريف الأعمال ومجلس نوابه عاجز عن انتخاب رئيس للجمهورية.
فهل ننتظر كارثة طبيعية لنتوحد ونتعاون، وهل عندها نمتلك امكانية غير دفن الموتى وربما من دون الصلاة على ارواحهم؟.
لنتق الله في بلدنا ولنبادر قبل ان يغرق المركب بمن فيه!.
Related Posts