منذ ثلاث سنوات ونيّف والأزمات تتوالى على اللبنانيين متأقلمين مع مشاكلها وهمومها مصممين على استيعاب تداعياتها، ولكن أن تصل الأمور الى حد فقدانهم الثقة بالقضاء الذي يمثّل ميزان قيام الدولة. فذلك أمر غير مسبوق وخارج المألوف؟
مصدر قضائي مطلّع على مجريات الزلزال القضائي الذي ضرب مثلث قصر العدل في العاصمة بيروت آثر عدم الكشف عن اسمه رأى لـ “سفير الشمال” أن القرارات التي إتخذها القاضيان “حسب تراتبية القرارات” طارق البيطار وغسان عويدات قد لفحها “هواء ساخن” في العديد من مفاصلها إن لجهة مستوى الاتهامات، او لجهة “المزايدة” في الإفراج عن الموقوفين السبعة عشر. ولذلك من الصعب لا بل من المستحيل إصلاح “ذات البين” بين أعمدة قصر العدل وبخاصة أن وزير العدل الذي يُفترض أن يلعب دور الحكم لم يعد باستطاعته القيام بأي دور مماثل!
ولفت المصدر الى أن الصراعات التي ظهرت الى العلن وبحدة، قد تركت مفاعيلها لدى المواطنين الذين باتوا يتساءلون عن المرجع الصالح في الفصل بقضاياهم ولاسيما الشائكة والمعقدة منها، إذا كان القضاة قد وقعوا في هوة سحيقة. وسحبوا معهم مجلس القضاء الأعلى الذي يُفترض أن يكون الحامل الأول لميزان العدل؟ وبالتالي فالساقط الأكبر هنا هو الثقة في “أهل العدل في لبنان”، والخوف الكبير من أن يتجه المتقاضون الى أخذ حقوقهم بأيديهم حيث “البكاء وصريف الاسنان” في “ظلمة برانيّة” كما جاء في نصوص الكتاب المقدس.
ولم ينف المصدر ان حال القضاء في لبنان باتت في مواقف خطيرة ومؤسفة، ليست غير مسبوقة فقط، وإنما تشكل سابقة عالمية في أية دولة من “دول الموز”. حيث أن للقضاء في الدول الديمقراطية حرمة تعلو كل الحرمات، وحيث أن هيبة القضاة فوق كل اعتبار، فهل يجوز أن يكون قضاة لبنان مثالاً في السوء، كما هو حال لبنان في تراتبية دول الفساد، بدل أن يكونوا أمثلة حية على أن بيروت العاصمة كانت يوماً “أم الشرائع”؟
وعليه أكد المصدر أن “الانهيارات” التي حصلت في الجسم القضائي اللبناني لا يمكن الخروج من تحت أنقاضها الاّ بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، من أولى مهماتها العمل على إعادة تركيب مجلس القضاء الأعلى (المشلول الحركة بسبب الخلافات بين أعضائه) ليعمل على إعادة تكليف محقق عدلي في قضية تفجير مرفأ بيروت، وتظهير صورة جديدة في النيابة العامة التمييزية. والاّ فإننا سنشهد وضعاً ربما يصبح صفة سيئة جداً عن قضاء لبنان بين أسوأ ديمقراطيات العالم!
فلعل السياسيون ونواب الأمة يسعون الى حسم الاستحقاق الرئاسي في أقرب فرصة حتى لا يتحول القضاء في لبنان الى مثال غير صالح في الكرة الأرضية!..
Related Posts